تحت عنوان ( قتالنا ماضٍ حتى القدس) نظمت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، مهرجانا جماهيريا كبيرا، اليوم الخميس 6/10 في ساحة الكتيبة غرب مدينة غزة، إحياءً للذكرى ال35 لانطلاقتها، شارك فيه عشرات الآلاف من مناصري حركة الجهاد، يتقدمهم أعضاء المكتب السياسي للحركة، وقادتها وكوادرها من كافة الأطر التنظيمية بحضور ممثلين عن القوى الوطنية الفلسطينية، وشخصيات أكاديمية وجماهيرية واعتبارية ووجهاء قطاع غزة.
وتخلل المهرجان كلمة هامة للقائد زياد النخالة، الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي، وكلمة للقوى الوطنية والإسلامية ألقاها نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري، وكلمة لأهالي الشهداء ألقاها عبر الهاتف من جنين المناضل فتحي خازم، والد الشهيدين رعد وعبد الرحمن، بالإضافة إلى فقرات إنشادية، ومشاركة لافتة لمقاتلي سرايا القدس، الذين كشفوا عن أسلحة جديدة وراجمات صواريخ محلية الصنع.
كلمة القائد النخالة
وقال الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، القائد زياد النخالة، إن رسالة الحركة في ذكرى انطلاقتها، هي رسالة وحدة الشعب الفلسطيني مع قوى المقاومة جميعها، في مواجهة العدو الصهيوني، وهجمته على المسجد الأقصى، بهدف تهويده، وإكمال سيطرته على القدس والضفة الغربية، بالاستيطان الذي لم يتوقف على مدار الوقت، مبينا أن الجهاد تقيم المهرجانات في الساحات والدول المتواجد فيها الشعب الفلسطيني، في نفس الوقت، لتحقق وحدة الشعب، ولتكون أقرب إلى الذين يساندون الفلسطينيين ويقفون معهم في مواجهة العدو الصهيوني.
وأضاف القائد النخالة: إن من أوجب الواجبات اليوم تعزيز وحدتنا الفلسطينية، على قاعدة مقاومة الاحتلال، وتعزيز وحدتنا، وتكاملنا مع إخواننا الذين يشبهوننا، والذين يحملون همومنا، وهموم شعبنا، وقضيتنا العادلة التي هي قضيتهم”.
وتابع بالقول: كذلك من مصلحتنا ومصلحة أمتنا أن نعزز محور المقاومة، قولاً وعملاً، في مواجه العدو، فالعدو له تحالفه الذي يرعاه ويحتضنه ويدعمه، والذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية، ومن يتحالف معها، ويلتزم سياستها”، مشددا على ضرورة بذل أقصى ما نستطيع لقيام أوسع تحالف، فلسطينيًّا وعربيًّا وإسلاميًّا وعالميًّا، ممن يؤمنون بعدالة القضية الفلسطينية، وبحق الشعب الفلسطيني بأرضه، ولديهم الاستعداد لدعمه ومناصرته.
وجدد القائد النخالة التأكيد على ضرورة وحدة القوى الوطنية والإسلامية، ليس على أرض فلسطين فحسب، بل على امتداد العالم العربي والإسلامي والدولي.
واستطرد قائلا: إن العدو وحلفاءه يسعون بكل ما يستطيعون ليحاصرونا، ويقطعوا روابطنا مع من يساندنا، وحتى أنهم يلاحقون كل من يتعاطف معنا، حتى ولو على المستوى الإنساني، ليستفرد العدو بشعبنا ومقاومته.. وللأسف، فإنه بدعم ورعاية أمريكية كاملة يحقق إنجازات كبرى في هذا المجال؛ فالقدس تهوّد، والاستيطان يكمل سيطرته على الضفة الغربية، وفي مقابل ذلك، يزداد الانفتاح على العدو أكثر فأكثر، ويزداد عدد الدول العربية والإسلامية التي تقيم علاقات مع العدو”، مضيفا إلى ذلك محاولات العدو التي لم تتوقف، لإخراج قطاع غزة من معادلة الصراع على الحق الفلسطيني، بالحصار والترهيب والترغيب.
لن نجعل غزة محايدة
وأردف القائد النخالة: من واجبنا، أن لا نجعل غزة محايدة عندما يستهدف المسجد الأقصى، ويتم تهويد القدس والضفة الغربية. فهذا ما سعت إليه “إسرائيل” عبر اتفاق أوسلو الذي عارضناه، وحاربناه على مدار الوقت.. العدو يريد أن تكون غزة دولة الشعب الفلسطيني، ويسعى لتحقيق ذلك، ولسان حاله يقول: هذه حصتكم من فلسطين، وعمل ويعمل من أجل السيطرة الكاملة، بالاستيطان، على الضفة الغربية والقدس… وغير ذلك فلكم القتل والجوع والحصار”.
وتساءل الأمين العام لحركة الجهاد: أمام هذا المشهد، كيف نصيغ خياراتنا؟ وكيف نواجه مخططات العدو؟ وكيف نعزز وحدة شعبنا ومقاومته، ووحدة أهدافه، ونحافظ عليها، ولا نتنازل عنها؟ فلم يعد لدينا ترف الوقت”.
وقال: لقد سمعنا من الأخ أبو مازن كلامًا، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، في مضمونه ونتائجه أن العدو لا يريد سلامًا، ولا يريد أن يعطينا شيئًا في الضفة الغربية.. هذا ما يقوله صاحب مشروع السلام مع العدو، فماذا تقول المقاومة؟”.
اليوم نملأ الأفق
وزاد القائد النخالة: العدو يريدنا أن نيأس، ويريد أن يجردنا من إرادتنا، بالقتل والتدمير، ونحن نريد حريتنا، ونريد وطننا، هذا هو التحدي القائم يوميًّا أمامنا.. واليوم برغم كل التحديات والعقبات، والشهداء والأسرى، نملأ الأفق، ونملأ الساحات، ونقدم نموذجًا للتحدي.. وهكذا هو شعبنا العظيم، انطلق من الخيمة، ووصل إلى ما وصل إليه.. ومقاومته مصدر فخر وإلهام، على كل المستويات، ولن يتنازل عن حقه التاريخي في فلسطين… لا ييأس، ولا ينكسر، ويفرض كل يوم وقائع جديدة”.
وحث القائد النخالة الشعب الفلسطيني لشحذ الهمم للوصول، رغم طول الطريق وصعوبة الدرب “فالوطن على مرمى شهيد، وبدون التضحيات والشهداء سنتلاشى على قارعة الحسرة، وعلى قارعة الأمنيات”.
وتابع يقول: يا شعبنا العظيم، إنه طريق الأمل، فلنتقدم، ولا ننظر إلى الخلف، فلسطين تستحق، والقدس تنتظرنا، فلا تتركوها للأعداء، سيأتي يوم يفرح فيه شعبنا بنصر الله، فهذا وعد الله لنا، بدخول المسجد الأقصى منتصرين، فلا نخاف ولا نرتجف، ولنا في رسول الله أسوة حسنة، يوم كان المؤمنون برسالته يخافون أن يتخطفهم الناس، وهو يحثهم على القتال، فبالصبر والقتال، خرجوا من الخوف إلى النصر العظيم، سننتصر إن شاء الله، فلا تجعلوا للأعداء علينا سبيلاً”.
ولفت القائد النخالة إلى أن العدو يحاول أن يجعل القضية الفلسطينية مسألة إنسانية، يعالجها بفتح سوق العمل، وإغراءات اقتصادية أخرى، ليطفئ روح المقاومة، ويفككها لاحقًا -كما يظن-، مستدركا: ولكن المقاومة التي تستطيع مشاغلته على مدار الوقت، وتخوض معاركها دون خوف أو تردد، هي التي تستطيع أن تستنزف طاقاته، وتعيق سياساته، وتزرع اليأس في جنوده… ومعاركنا جميعها، وآخرها معركة “وحدة الساحات” البطولية، والمواجهات اليومية في الضفة الباسلة، لهي أكبر دليل على ذلك”.
مسئولية تاريخية
وعدّ الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي، أن الشعب الفلسطيني ومقاومته، تقع عليهم مسؤولية تاريخية في هذه البلاد؛ مسؤولية حماية الجغرافيا المميزة، بما فيها من مقدسات إسلامية ومسيحية، حيث أثبت، بإرادته وصبره وتضحياته، منذ الغزوة الغربية الصهيونية على منطقتنا، أنه قادر على مقارعة العدو، وعدم الاستسلام له، رغم اختلال موازين القوى الهائل، وبرهن أنه لن يسلم للأعداء بلاده ومقدساته، مهما بلغت التضحيات.
وقال: أربعٌ وسبعون عامًا من القتال المستمر، ويزداد شعبنا إصرارًا على المقاومة، ويقينًا بحتمية الانتصار… أربعٌ وسبعون عامًا من الصبر، خلق زلزالاً في العقل الصهيوني، ليقول قادته نحن في المكان الخطأ… أربعٌ وسبعون عامًا، ورغم ذلك خرجنا من المخيم الذي أرادوه مقبرة لنا، لنجعله لعنة عليهم، بإرادتنا، وبأبنائنا الشجعان الذين يعيدون بدمهم رسم فلسطين المقدسة من جديد، ففي القدس سيسقط المشروع الصهيوني القائم على أوهام القوة، وأوهام التلمود، وفي القدس التي هي صلاتنا وصيامنا، سنقاتلهم حتى يرحلوا”.
وأكمل القائد النخالة كلمته: في القدس، نحن ندافع عن ديننا وتاريخنا، وإسلامنا وقرآننا، هؤلاء القتلة يعتقدون أنهم يستطيعون أن ينزعوا منا تاريخنا ومقدساتنا، بمرتزقة، جمعوهم من بقاع الأرض، يبحثون عن فرصة حياة، فيخرج لهم مقاتلونا الشجعان، من كل مكان، ليقولوا لهم: هذه الأرض لنا، والقدس لنا، وهذه سماؤنا”، موضحا أن الذين يظنون أن الشعب الفلسطيني، وحركات المقاومة، وعلى رأسها حركة الجهاد الإسلامي، يمكن أن يستسلموا، ويوقفوا معركتهم ضد العدو، وضد الاحتلال، على أي شبر من فلسطين، واهمون أشد الوهم، وأن ما يجري على أرض فلسطين يؤكد ذلك “فالعدو يجتاح بقواته كل المدن الفلسطينية، في الضفة المقاومة، يقتل ويهدم البيوت، ويحاصر غزة، ويشن الحروب عليها، فينهض شعبنا، يقاتل ولا يستسلم، يقاتل من أجل القدس، ومن أجل أرضه وتاريخه، ومن أجل مستقبل أبنائه، فإن لم يورثهم فلسطين الآن، فلن يورثهم المهانة على مدى الزمان” بحسب الأمين العام النخالة.
وأكد أن حركة الجهاد الإسلامي، ستبقى ضمير الشعب الفلسطيني، والأمة كلها، تذكرهم، بوعيها وإصرارها ورصاصها، أنها لن تتخلى عن حقها في فلسطين، وفي القدس، وستقاتل العدو على كل شيء، كما يقاتلها العدو على كل شيء.
وأشار القائد النخالة إلى أن قرار حركة الجهاد بالقتال الدائم، ومشاغلة العدو، هو رؤية وموقف، وواجب وجوب الصلاة، مشددا على أن الحركة لن تغادر مواقعها، طالما بقي الاحتلال الصهيوني على أرض فلسطين.
وأضاف: إن القدس كانت وستبقى محور الصراع مع العدو الصهيوني، وسنقاتل دفاعًا عن أرضنا، وعن مسجدنا وكنائسنا. وهذا الأمر دونه أرواحنا، حتى لو استمر قتالنا ألف عام”، معبرا عن الاعتزاز بالشعب الفلسطيني ومقاومته وتحالفاتها مع إيران، وحزب الله، والشعب اليمني، وسوريا، وكل من يقف في مواجهة العدو الصهيوني.
معركة ضرورية
وعدّ القائد النخالة أن معركة “وحدة الساحات” التي خاضتها سرايا القدس، كانت ضرورية، وتعبيرًا عن عدم خضوع الحركة للعدو، في ممارسة اعتداءاته وقتما يشاء وكيفما يشاء، مؤكدا على وحدة قوى المقاومة الفلسطينية، ووحدة برنامجها المقاوم، ووحدة الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده.
وأشاد بدور المرأة الفلسطينية في المجتمع، ومشاركتها في المقاومة، كأم وزوجة ومربية أجيال، وكمقاتلة إن اقتضت الحاجة لذلك، مبينا أن حضورها في المسجد الأقصى مرابطة نموذج على ذلك، وأن ذلك أيضا هو دأب المعتقلات اللواتي يقدمن المثل الأعلى، في الصمود والصبر، لكل نساء فلسطين وفتياتها.
وبيّن أن أسرى الشعب الفلسطيني هم جزء أصيل من المقاومة، وهم امتداد حقيقي لها، مؤكدا ضرورة العمل على تحريرهم، بكل الوسائل.
وفي ختام كلمته، توجه القائد النخالة بالتحية إلى فلسطينيي الأرض المحتلة منذ العام 1948، وإلى فلسطينيي مخيمات اللجوء والشتات، وتقدم بأحر التعازي، من أهالي مخيمات لبنان ومن اللبنانيين والسوريين، بضحايا حادث الغرق الأخيرة.
وجدد التحية والتقدير لأهل اليمن، مباركًا لهم ذكرى ثورتهم، ومعتزًّا بمواقفهم الثابتة تجاه فلسطين والمسجد الأقصى.
كلمة القوى
بدوره، أكد صالح العاروري، نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، أن انطلاقة حركة الجهاد الإسلامي قبل 35 عاما، كانت استجابة طبيعية وشرعية وضرورة وطنية وإسلامية في مواجهة الاحتلال والعدوان والقهر، وفي مواجهة تدنيس المقدسات.
وقال العاروري في كلمة القوى الوطنية والإسلامية، خلال مهرجان انطلاقة حركة الجهاد: في تلك الأيام حمل الشهيد أبو إبراهيم فتحي الشقاقي راية الجهاد والمقاومة وانطلقت حركة الجهاد من بين أزيز الرصاص ومن بين دماء الشهداء والتضحية وبدأت تشق طريقها حركة ثابتة في منطلقاتها، حركة وطنية فلسطينية وحركة مقاومة جهادية وحركة إسلامية صافية منسجمة مع عقيدة هذه الأمة ومع رؤيتها ورسالتها”.
وأضاف: لأنها حركة تسير في الطريق الصحيح وتحمل مبادئ ثابتة لم تغير ولم تبدل في مسارها رغم كل التضحيات التي قدمت، فإن هذا المسار يتعاظم، وهو نفسه مسارنا.. نحن نرى أن تعاظم حركة الجهاد الإسلامي هو تعاظم لمقاومة شعبنا وفيه خدمة لكل صغير وكبير من شعبنا، وخدمة لمقدسات وقضية شعبنا، لذلك نحن يدا بيد وكتفا بكتف وقدما بقدم نسير في هذا الطريق معا ان شاء الله حتى تحقيق النصر”.
وأردف العاروري: انطلق الشهيد الدكتور فتحي الشقاقي وكان نعم القائد الواعي المثقف الإسلامي المنتمي المقاوم المجاهد، وحمل هذه الراية وهو يعرف الثمن المطلوب، وبعد سبع سنوات من قيادة الحركة استشهد الدكتور الشهيد أبو إبراهيم ثابتا على هذا الدرب وحمل الراية من بعده الدكتور أبو عبدالله رمضان شلح وأيضا سار على هذا الدرب لم يغير ولم يبدل، وقد عرفناه عن قرب وتعايشنا معه، ونعم الأخ ونعم المجاهد ونعم رفيق الدرب.. كان في خدمة قضيته وشعبه وفي بث روح الأخوة والتلاحم والوحده والوضوح، وضوح الطريق حتى توفاه الله سبحانه وتعالى بعد خمسة وعشرين عاما من قيادة هذا الدرب وهذه الحركة”.
وقال: أكمل المشوار الأخ العزيز أبو طارق النخالة وهو أيضا أخ مجاهد أفنى كل حياته في طريق النضال، في السجون منذ مطلع شبابه ثم في حركة المقاومة والجهاد في مواجهة المحتلين، ونحن والأخ أبو طارق وكل الأخوة في قيادة الجهاد نعمل معا قلبا وقالبا يدا بيد، باستراتيجية واحدة ومنهج واحد، ونحن متفقون على كل الأسس لتحقيق آمال شعبنا والدفاع عن مقدساتنا”.
وأوضح العاروري أن المقاومة تستطيع أن تفرض منع التجوال على كل الكيان وتشله من أقصاه الى أقصاه وتحطم معنويات مستوطنيه وجيشه وتفقدهم الأمل والثقة بأن لهم مستقبلا في هذه البلاد، مبينا أن الشعب الفلسطيني ينشد الحرية والاستقلال وينشد العزة والكرامة ولا يقبل أن يكون على وجه هذه الأرض وبالذات القدس والمسجد الأقصى هذه الوجوه الغريبة الحاقدة على الأمة.