قالت صحيفة “وول ستريت جورنال” إن الطائرات التي استخدمت في محاولة اغتيال مسؤولي حركة “حماس” في الدوحة حلقت فوق البحر الأحمر وأطلقت من هناك صواريخ بالستية باتجاه العاصمة القطرية.
ونقلت الصحيفة عن مصادر أمريكية رسمية قولها إن “العملية شملت ثماني مقاتلات F-15 وأربع مقاتلات شبحية من نوع F-35 تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي”.
وأوضحت المصادر للصحيفة أن “الطائرات حلّقت فوق البحر الأحمر وأطلقت صواريخ باليستية إلى الفضاء فوق السعودية قبل أن تصيب أهدافها في العاصمة القطرية”. مؤكدين أن العملية “صُممت بهذه الطريقة من بين أهداف أخرى، لتقليل قدرة الجيش الأمريكي على اكتشاف الهجوم في الوقت المناسب”.
ووفقا للصحيفة، “باستخدام مواقع الطائرات في البحر الأحمر وإطلاق الصواريخ إلى الفضاء، سعت إسرائيل لتجنب الاتهامات بانتهاك الأجواء السعودية أثناء تنفيذ الهجوم”. وقد أدانت السعودية الهجوم.
وأشار التقرير إلى أن “إسرائيل أبلغت الولايات المتحدة بنيتها تنفيذ الهجوم، لكنها لم تقدّم معلومات دقيقة حول موقع التنفيذ”، وفقا للمصادر الأمريكية.
وأكدت الصحيفة أن هذه الرواية لتفاصيل الهجوم تستند إلى مقابلات مع عدد من كبار المسؤولين الأمريكيين الذين أُحيطوا علما بالعملية، والذين أكدوا أن إسرائيل لم تُخطر الجيش الأمريكي بقرارها تنفيذ الهجوم على حماس إلا قبل دقائق معدودة من الضربة، ولم تقدم بداية معلومات دقيقة عن الهدف. إلا أن أجهزة الاستشعار الفضائية الأمريكية، التي ترصد الإشارات الحرارية بالأشعة تحت الحمراء، التقطت لحظة إطلاق الصواريخ وحددت مسارها، مؤكدة أن وجهتها كانت الدوحة.
وبحسب المسؤولين الأمريكيين، لم تصل أي من هذه المعلومات في الوقت المناسب لتمكّن إدارة الرئيس دونالد ترامب من منع الهجوم. وقال مسؤول كبير في وزارة الدفاع الأمريكية: “جاء الإخطار قريبا للغاية من لحظة الإطلاق الفعلي للصواريخ، بحيث لم يعد هناك مجال لعكس القرار أو إيقاف العملية”، واصفا العملية بأنها “غير قابلة للتصوّر إطلاقا”.
ووفقا للمسؤولين الأمريكيين، فقد أخطر القيادة المركزية الأمريكية رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال دان كين، الذي بدوره أبلغ البيت الأبيض. ووجّه الرئيس ترامب مبعوثه الخاص ستيف ويتكوف لإخطار القطريين، لكن كان الأوان قد فات، إذ قالت الدوحة إن التحذير وصل بعد نحو عشر دقائق من سقوط الصواريخ.
وبحسب مراسل “وول ستريت جورنال” الذي زار الموقع، فإن الطابق الأوسط من المبنى دُمّر بالكامل تقريبا، إلى جانب الجانب الأيمن من الطابق الأرضي، بينما ظل باقي المبنى قائمًا وتعرض لأضرار طفيفة، في إشارة إلى دقة الاستهداف باستخدام رؤوس حربية صغيرة، بحسب التقرير.
وأُغلقت الشوارع المحيطة بالمكان بواسطة قوات عسكرية وأمنية، فيما قال أحد الجنود وكان مرتديًا قبعة زرقاء لمراسل الصحيفة وهو يلوّح بيده: “لا يمكنك الدخول هنا”.
وأفادت “وول ستريت جورنال” بأن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أجرى الثلاثاء مكالمة “ساخنة” مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، عبّر خلالها عن استيائه الشديد من تهميشه لكونه تفاجأ بالهجوم. مضيفة أن ترامب اعتبر الهجوم “غير حكيم”، وأبدى “غضبه من أنه علم به عبر الجيش الأمريكي بدلا من إسرائيل مباشرة”.
وبحسب الصحيفة، قال نتنياهو لترامب إنه كان أمام “نافذة زمنية قصيرة” لتنفيذ الضربة فاستغلها. وفي مكالمة لاحقة أكثر وديّة، سأل ترامب إن كانت العملية قد نجحت، فأجابه نتنياهو بأنه لا يعرف بعد.
وأوضحت الصحيفة أن هذه الضربة، التي جاءت بعد الهجوم المفاجئ الذي شنته إسرائيل على إيران في يونيو، نسفت سنوات من الجهود الرامية لبناء علاقات دبلوماسية بين إسرائيل ودول الخليج العربية.
وقال أوفر غوترمان، الباحث البارز في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب تعليقا على الهجوم الإسرائيلي: “أعتقد أن هذا الهجوم يمثل محطة جديدة في تصوير إسرائيل كدولة مارقة لا تأخذ في الاعتبار القوانين والأعراف الدولية. إنه يضر بسمعة إسرائيل عالميا، ويعزز في المنطقة المخاوف السائدة بين الدول العربية من أن إسرائيل باتت قوة منفلتة من عقالها وذات طموحات هيمنية”.
وكانت إسرائيل قد شنت هجوما غير مسبوق على العاصمة القطرية الدوحة يوم الثلاثاء الماضي، مستهدفة اجتماعا للوفد التفاوضي لحركة حماس، لكن عملية الاغتيال فشلت، وقوبل الهجوم بموجة تنديد دولي وعربي واسعة.