تتواصل في الأوساط السياسية والعسكرية نقاشات مكثفة حول القوة الدولية المكلفة بتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، رغم أن طبيعة تفويضها لم تُحسم بعد، ولا يزال غياب نموذج دولي مشابه يفاقم الغموض.
وينعقد اجتماع يومي في مقر القيادة في ‘كريات غات’، يضم ممثلين من 21 دولة لوضع تصور لمرحلة ما بعد الحرب، بهدف إعداد القوة متعددة الجنسيات المفترض أن تتولى نزع سلاح حركة حماس، بينما يعترف جيش الاحتلال الإسرائيلي بأنه لا يريد تكرار نموذج قوات اليونيفيل في لبنان.
وأشارت صحيفة ‘يديعوت أحرونوت’ الإسرائيلية إلى أن ‘العمل يجري دون وجود نموذج دولي سابق، ومع الدروس القاسية لفشل اليونيفيل، وبين تفاؤل حذر وتشاؤم طفيف، تجتمع ستة مراكز أبحاث وفرق توجيهية كل صباح في الطابق الثالث من مقر التنسيق الأميركي، بمشاركة ممثلين من 21 دولة، تحاول تحديد مستقبل غزة’.
وأوضحت أن معظم المشاركين ‘متحمسون’، لكن الجميع ينتظر قرارا سيصدر من خارج المنطقة الصناعية في ‘كريات غات’.
وأضافت الصحيفة، أن التقديرات داخل جيش الاحتلال تشير إلى أن أمام الولايات المتحدة أسابيع إلى عدة أشهر لتقرير إنشاء القوة الدولية، مؤكدة أنه ‘من دون هذه القوة، لن تتقدم المرحلة الثانية من الاتفاق’.
وفي موازاة ذلك، يناقش خبراء الأمم المتحدة الجوانب القانونية الخاصة بصلاحيات القوة مع مسؤولين في القيادة المركزية الأميركية، بينما تعمل مجموعات التخطيط في المقر على تجهيز المنطقة لانتشار القوة فورا عند اتخاذ القرار.
وأوضحت أن النقاشات تتناول طبيعة الأسلحة التي ستمتلكها القوة، ومناطق انتشارها، وتفويضها القانوني، وآليات منع تبادل إطلاق النار بين جيش الاحتلال وحماس، إضافة إلى شبكات الاتصال الخاصة التي سيستخدمها الجنود الأجانب.
وتشمل النقاشات أيضا اسم القوة، ولون الزي العسكري، وطبيعة المهام المتعلقة بتحديد مواقع الأنفاق المتبقية في غزة وتدميرها، وجمع السلاح من أكثر من 20 ألف مقاتل تابعين لحماس، سواء بالتفاهم أو بالقوة.
وبينت الصحيفة أن القوة الدولية، إن تم تشكيلها ووافقت عدة دول ولا سيما دول مسلمة على إرسال جنود إلى غزة، ستتمركز داخل القطاع نفسه، وليس في غلاف غزة.
وتشدد المؤسسة الأمنية على أن الدول المشاركة ستعطي لسلامة جنودها وزنا كبيرا في أي قرار، بالإضافة إلى أن الأمريكيين قرروا الكشف لوسائل الإعلام عن شكل المقر، على أمل أن تكتسب الدعاية لهذا النشاط، وإن كان نظريًا في معظمه، زخمًا إيجابيًا وأن تتحول الأقوال إلى حقائق وأفعال.
ووفق التقرير، يعمل في المقر عشرات الموظفين من دول مختلفة، بينها مصر والإمارات وبريطانيا ونيوزيلندا، وينظرون إلى قرار مجلس الأمن 2803 باعتباره محطة مفصلية تدفع باتجاه تشكيل حكومة جديدة في غزة ‘بدون حماس’.
ولا يشارك ممثلون فلسطينيون أو أتراك أو قطريون في الاجتماعات، لكن التقرير يؤكد أن تأثير أنقرة والدوحة حاضر بقوة، باعتبارهما الجهتين اللتين يعوّل عليهما لتمويل وإدارة إعادة إعمار القطاع.
وتحذر قوات الاحتلال الإسرائيلية من دور تركيا وقطر، لارتباطهما بجماعة الإخوان المسلمين التي تنتمي إليها حماس، لكنها تقر بأن قنوات التنسيق التكتيكية الحالية أثبتت فعاليتها، إذ تمنح القوات الاحتلال الضوء الأخضر للسماح لمقاتلي حماس بالبحث عن جثث القتلى قرب الخط الأصفر دون استهدافهم، بسبب وجود تفاهمات ميدانية غير معلنة.
ولتحضير القوة الدولية المحتملة، يقدم ضباط الاستخبارات الإسرائيليون يوميا إيجازا للضباط الأجانب حول بنية حماس العسكرية، شكل أنفاقها المختلفة من الداخل، والوقت الذي يستغرقه بناء أو ترميم بئر تفجير، وهيكلية سرية وفصيلة حماس، وأنواع أسلحتها، وتشكيلات المداهمات الخاصة بها، المعتمدة بشكل رئيسي على تكتيكات حرب العصابات الممزوجة بنيران مضادة للدبابات وقناصة، استخدمها المقاتلون بشكل رئيسي خلال الحرب ضد قوات الجيش.
وتختتم الصحيفة بالإشارة إلى أن التقديرات الإسرائيلية تعكس حالة قلق واضحة بشأن قدرة القوة المرتقبة على خدمة المصالح العسكرية للاحتلال، ومدى نجاحها في تحقيق الهدف المركزي للحرب، والمتمثل في ‘إنهاء قدرات حماس العسكرية’، وسط شكوك إسرائيلية حول قدرة الحركة على الالتفاف على القوة أو استغلال ثغراتها.