google-site-verification=0y7SK1TSqpUjd-0k3R3QUeUDKj-1chg6Il-3Qtn7XUM
وكالة عيون القدس الإخبارية
وكالة عيون القدس الإخبارية

خيام تغرق وقلوب ترتجف.. شتاء غزة يفتح جبهة جديدة على النازحين

وسط عاصفة شتوية لم ترحم أحدًا، غَرِقت عشرات الخيام في مخيمات قطاع غزة، بعد سقوط أمطار غزيرة فاقمت معاناة مئات العائلات التي فقدت منازلها خلال الحرب، ولم تحصل حتى اليوم على مأوى لائق أو خيام تقيها البرد والمطر.

وبين الطين والمياه والبرد القاسي، يقف الأهالي في مواجهة كارثة إنسانية جديدة، وسط غياب الشوادر والخيام وأنظمة الصرف، مناشدين العالم بإنقاذهم قبل فوات الأوان.

لم تمر دقائق على بدء هطول الأمطار حتى تحوّلت مساحات واسعة من المخيمات إلى برك من المياه الراكدة.

قالت أم مجدي، وهي نازحة من شمال غزة: “لقد فقدتُ منزلي ولم يبقَ شيء لم يَبتل، الفراش، الملابس، الطعام، أطفالنا يرتجفون، ولا نملك أي شادر أو خيمة جديدة نحتمي بها، المطر كشف هشاشتنا أمام العالم في ظل غياب الشوادر والخيام أزمة جديدة تتكشف على أهالي القطاع.

ومن جهة أخرى قال أبو أحمد، أحد النازحين الغارقين في مياه الأمطار: “نحن لا نطلب رفاهية… فقط خيمة لا تدخلها المياه، ومكان ينام فيه الأطفال دون خوف”.

المأساة هنا أكبر من أن تُترك للنسيان، وأصوات الأهالي لا تزال ترتفع، المواطنة سعاد محمود وهي ام لست أطفال بلا مأوى آمن وتجلس بجانب خيمتها الغارقة، تجمع أطفالها حول مصدر نار ضعيف، وتقول بصوت مرتجف: “أنظر حتى الشوادر البلاستيكية والخيام مهترئة بسبب طول الاستهلاك وغياب البدائل.

الأرض الرملية الهشة لم تستطع صدّ المياه، والخيام المهترئة لم تتحمّل، فانهار بعضها، وتسرّبت المياه إلى داخل أخرى، فيما حمل بعض الأهالي أطفالهم فوق أكتافهم بحثًا عن مكان جاف.

كما اضطر كثيرون إلى استخدام قطع نايلون قديمة أو أغطية مُمزّقة، لا تصمد أمام الرياح ولا تحمي الأطفال من برد الشتاء

 “أنقذونا قبل أن نموت بردًا”

عبارات يرددها الأهالي في مناشداتهم أن خطر الشتاء قد يفوق في قسوته ما يعيشونه يوميًا، خاصة على الأطفال وكبار السن والمرضى.

“أول قطرة مطر دخلت على الخيمة، عرفنا أن هذه الليلة لن تمر بسلام، غرق الفراش، الأطفال صاروا واقفين فوق الطوب حتى ما يبتلّوا، ما عنا شادر واحد نقدر نغطي فيه الخيمة. والله لو في بديل كنت بشتري، بس ما في لا مال ولا مواد”.

وفي السياب أمد مصطفى سعيد بان أصعب لحظة كانت لبنته الصغيرة، قائلا: ” بنتي صارت تبكي من البرد وتقول: بابا ليش المطر جوّا الخيمة؟ ما قدرت أردّ عليها… إحنا محاصرين بين برد فوقنا وطين تحتنا.

محاولة إصلاح الخيمة 

واشار أبو يوسف، وهو يقف على قطعة خشب كي لا يغرق حذاؤه بالطين، إلى الخيمة قائلا: “ما بقى فيها محل ما يدخّلش مي. الشادر اللي كان فوقها تمزّق من الرياح من شهرين. لجأت لقطع نايلون من مخلفات السوق، بس أول مطره فضحت كل شيء.”

ويوضح أبو يوسف بان أكثر الأشياء المطلوبة في غزة هو توفير خيام محترمة وشوادر قوية، فالشتاء طويل، وإحنا ما معنا نواجهه. يمكن الناس تتوقع إن الغرق شغلة بسيطة… بس لما تشوف أولادك مبللين ومرتعشين، بتعرف إننا بعيش كارثة.”

اما الطفلة بتول تقول بخجل وهي تقف بجوار خيمتها التي غمرتها المياه من الداخل: “مياه الأمطار كانت تدخل جوّا الخيمة، وصار في ريحة مش منيحة، نفسي بجاكيت ألبسه من البرد، كل ما ييجي مطر بخاف”.

ثم تشير إلى بركة من الماء بجوار الخيمة هذا المكان كان نلعب فيه، اليوم صار مستنقع، نفسي أرجع على بيتنا… بس ما ظلّ بيت”.

ويناشد أبو اسعد، وهو نازح فقد منزله في شمال غزة يا عالم، إحنا بشر، بدنا خيمة تحمينا، الليلة لو نزل مطر زيادة ممكن الخيام توقع على الناس، ما حدا بنام، الكل صاحي طول الليل يشيّل المي، نطالب أي جهة إنسانية تتدخل فورً”.

ويختم بقوله ما بدنا غذاء اليوم قبل ما يكون عنا مأوى، الطفل اللي مبلّل مش ممكن يأكل أولويتنا خيمة تحمي ولادنا”.

في المخيمات التي لم تعد تعرف اليابسة، تتكوّم المعاناة فوق بعضها كما تتكوّم المياه فوق الأرض الرملية.

النازحون هنا لا يخشون المطر بقدر خوفهم من الليلة التالية، من اللحظة التي تنفجر فيها السماء عليهم دون أن يجدوا ما يصدّ قطراتها.

الخيام التي بُنيت على عَجَل، من قماش ممزق وقطع خشب متآكلة، لم تُصمَّم لشتاء قاسٍ ولا لرياح تعصف بما تبقى من أرواحٍ تعبت من النجاة.

وبين كل خيمةٍ وأخرى، تظهر مأساة جديدة: أم تحمل طفلها المريض خوفًا من أن يشتد عليه البرد، شيخٌ يحاول رفع أطراف الخيمة بيده كي لا تغرق، وشبابٌ يحفرون بعمق الأرض كي يفتحوا ممرًا صغيرًا لتصريف المياه، لكن المطر كان أسرع منهم، وأقسى من قدرتهم، وأكبر من أدواتهم البدائية.

وفي الوقت الذي يغرق فيه النازحون في قطاع، لا تزال المساعدات الإنسانية شحيحة، والخيام الجديدة نادرة، والشوادر تُعامل ككنز نادر قد يُنقذ حياة أسرة كاملة.

Leave A Reply

Your email address will not be published.