التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين يعقد اجتماعاً وزارياً في نيويورك
عقد التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين اجتماعا وزاريا برئاسة المملكة العربية السعودية وبالشراكة مع الاتحاد الاوروبي والنرويج، في نيويورك، بعنوان “تحويل الالتزامات إلى عمل لا رجعة فيه”، على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الثامنين.
وقال رئيس الوزراء، محمد مصطفى، في مداخلته عبر “الفيديو كونفرنس”، إن إعلان نيويورك الذي يشكل إجماعا دوليا تاريخيا على إنهاء الاحتلال وتجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة، رسم مساراً عاجلاً ولا رجعة فيه نحو دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة، تعيش جنباً إلى جنب بسلام وأمن مع إسرائيل.
وأكد خلال كلمته، أن التدابير التي نص عليها هذا الإعلان يجب أن تُترجم إلى سياسات وأفعال عملية من قبل جميع الدول المجتمعة، داعيا إلى التحرك بسرعة أكبر، وبحسم أكبر، وبعمل جماعي أكثر تماسكاً، حتى تؤدي هذه الأفعال إلى التحول الجوهري المنشود.
وشدد مصطفى، أن فلسطين ملتزمة بالسلام، غير أن ذلك لا يمكن أن يُحققه طرف واحد فقط، بل يتطلب أن يكون هدفاً مشتركاً حتى يصبح واقعاً مشتركاً.
وتابع: الحكومة ملتزمة بالإصلاح، كونه السبيل لتحقيق الأفضل لشعبنا، الذي يستحق أن تُصان حريته، وأن ينعم بالديمقراطية، وبالحكم الرشيد، وبالتنمية المستدامة، وبالشفافية، وبالعدالة الاجتماعية، إذ نعمل مع شركائنا كافة، بمن فيهم الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي، لدفع هذه الإصلاحات قُدماً.
ورحب باعتراف عدد من الدول بدولة فلسطين خلال الأيام الأخيرة، مشيرة إلى تطلع الحكومة إلى توفير دعم سياسي ومالي من أجل إنقاذ الأرواح، وتعزيز الحقوق المشروعة، وفي مقدمتها الحق في الاستقلال والحرية.
وشدد، أن حكومة الاحتلال الإسرائيلي ترفض بالمطلق أن يكون هناك دولة فلسطينية، حيث ترى أن أفضل وسيلة لقطع الطريق أمام ذلك هي تقويض السلطة الفلسطينية وربما الدفع نحو انهيارها.
وأشار إلى أن كلفة انهيار السلطة تفوق بكثير حجم الدعم المطلوب للحفاظ عليها، ومعها الحفاظ على أفق الدولة المستقلة والسلام.
وأكد أنه يأمل من اجتماع التحالف العالمي للعمل في ثلاثة مجالات أساسية، أولها: تأمين وقف فوري لإطلاق النار، والإفراج عن الأسرى والرهائن، وضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق، والانسحاب الإسرائيلي الكامل، وثانيا: تمكين السلطة الفلسطينية من الاضطلاع بمهامها في كل من قطاع غزة والضفة الغربية، على الطريق نحو تجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، الأمر الذي يتطلب تقديم مساعدات مالية طارئة وواسعة النطاق للسلطة الفلسطينية الآن، إلى جانب دعم الترتيبات الخاصة بـ “اليوم التالي” التي ستُمكّنها من إعادة توحيد الضفة الغربية وقطاع غزة تحت مظلتها وفق مبدأ دولة واحدة، وحكومة واحدة، وقانون واحد، وسلاح واحد.
وثالثا، عبر الحشد الدولي من أجل تنفيذ حل الدولتين. مشددا أنه إلى جانب الاعتراف بدولة فلسطين، من الضروري الاستعداد لنشر بعثة دولية لتحقيق الاستقرار (كما نص عليه إعلان نيويورك)، وذلك لدعم قوات الأمن الفلسطينية، لا بديلاً عنها.
وأعرب مصطفى، عن شكره للمملكة العربية السعودية على قيادتها للاجتماع الوزاري رفيع المستوى للتحالف العالمي لتنفيذ حل الدولتين، سواء من خلال رئاستها المشتركة، إلى جانب فرنسا، أو من خلال دورها كقوة دافعة وراء هذا التحالف العالمي، كما شكر الاتحاد الأوروبي والنرويج على رئاستهما المشتركة لهذا التحالف العالمي، وعلى دعمهما الكبير للسلطة الفلسطينية.
بدوره قال وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، إن إعلان نيويورك تكليف واضح للجميع لتحويل التوافق إلى التزامات زمنية وآليات متابعة، مشددا: “لا يكفي إصدار البيانات ما لم تتحول إلى عمل حقيقي يغير واقع الاحتلال وعدوانه”.
وأضاف، أن الاجتماع يأتي بعد قمة السلام التي ترأستها المملكة وفرنسا وأثمرت عن اعترافات واسعة بدولة فلسطين مما يعزز الإرادة الدولية لترسيخ حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، مشيرا إلى أن “واقع الاحتلال ما زال يتمادى في الإبادة والمجاعة والانتهاكات بحق المقدسات الإسلامية والمسيحية، بل وصل إلى اعتداءات على سيادة دول عربية، كان آخرها استهداف دولة قطر”.
ولفت بن فرحان إلى أن الهدف من الاجتماع هو تنسيق الجهود ووضع آليات تنفيذية ومؤشرات تقدم ومساءلة واضحة، مع مواصلة العمل المشترك في العواصم الإقليمية والدولية.
وأكد، أن إعلان نيويورك يؤكد “أن غزة والضفة بما فيها القدس الشريف أرض فلسطينية واحدة غير قابلة للتجزئة”، مجددا الرفض القاطع لأي محاولات ضم أو توسيع استيطان أو تهجير قسري، وضرورة تمكين السلطة الفلسطينية ودعم الخطة العربية الإسلامية للتعافي والإعمار، ووضع آلية دولية للمساءلة ضمن جداول زمنية واضحة.
وأشار بن فرحان إلى أن السعودية ستواصل قيادة جهودها الدبلوماسية والإنسانية بلا كلل لتجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وفتح الطريق أمام سلام عادل ودائم وأمن مشترك وازدهار لشعوب المنطقة كافة.
من جانبه، قال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، إن حل الدولتين هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام العادل الذي يلبّي حق الشعب الفلسطيني في الحرية والدولة على ترابه الوطني وفق قرارات الشرعية الدولية، وبما يضمن الأمن والاستقرار للجميع في المنطقة بما في ذلك إسرائيل.
وأضاف: “الكل يجمع الآن على أنّ حل الدولتين هو السبيل الوحيد نحو المستقبل الآمن الذي نريد، لكننا كلنا نعرف أننا في مواجهة حكومة إسرائيلية متطرفة لا تريد هذا السلام”.
وأشار إلى تأكيد رئيس الحكومة الإسرائيلية أنه لن يسمح بإقامة الدولة الفلسطينية، متسائلًا ” الآن كيف نواجه هذا التعنّت الإسرائيلي الذي يحرم المنطقة كلها حقها في أن تعيش بأمن وسلام؟”، وقال في هذا الصدد “نتنياهو يريد أن يشعل المنطقة، ونحن نريد أن نحمي المنطقة من ذلك، وأن نوفّر السلام العادل لكل شعوب المنطقة”.
وطرح الصفدي تساؤلات حول تقويض حل الدولتين قائلًا “يبقى السؤال ماذا سنفعل؟ ماذا سيفعل المجتمع الدولي إزاء المستوطنات الجديدة التي أعلن عنها نتنياهو والتي تشكّل تحديًا خطيرًا يهدّد حل الدولتين؟ ماذا سيفعل المجتمع الدولي إذا ذهب نتنياهو باتجاه ضمّ الضفة الغربية كما يهدّد؟ ماذا سيفعل المجتمع الدولي إذا استمرّ نتنياهو بتعنّته في رفض إقامة الدولة الفلسطينية ورفض تحقيق السلام العادل؟”.
وتابع “آن لنا أن ننتقل من مساحة الكلام إلى مساحة الفعل، ومطلوب منّا جميعًا أن نتّخذ إجراءات رادعة تلجم العدوانية الإسرائيلية وتتيح لنا في المنطقة كلنا أن نذهب باتجاه السلام العادل والدائم، وبالتالي أعتقد أن المطلوب الآن أن نكون واضحين مع أنفسنا، الجهة التي تحرم المنطقة حقها في السلام يجب أن تواجه إجراءات رادعة”.
ولفت الصفدي إلى أن إسرائيل تحرم المنطقة من حقها في السلام، وقال “هذه الحكومة الإسرائيلية تدفع المنطقة كلها نحو الهاوية وبالتالي المطلوب منا جميعًا أن نذهب باتجاه حزمة إجراءات رادعة تحمينا جميعًا من هذا الخطر”.
وأكّد أنه إذا لم تتخذ إجراءات رادعة بحق هذه الحكومة الإسرائيلية “ستكون فرص تنفيذ حل الدولتين أصبحت أقل ممّا هي الآن لأن هذه الحكومة المتطرفة مستمرة في اتخاذ كل الإجراءات التي تقوض حل الدولتين وتقوض حق المنطقة كلها في العيش بسلام”.
واختتم الصفدي مداخلته بالقول “يجب أن نبدأ من الآن بالتفكير بالخطوات العملية الرادعة التي سنتخذها كلها مجتمعين كمجتمع دولي مؤمن بأن السلام طريقه هو حل الدولتين لحماية حل الدولتين، إذا لم يكن الآن هو زمن تنفيذ هذا الحل بسبب غطرسة هذه الحكومة الإسرائيلية فالآن هو زمن حماية حل الدولتين وهذا متوفر لنا إن عملنا معًا وإن اتخذنا الإجراءات التي تردع هذه الحكومة”.
أما وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي قال، إن ما ترتكبه إسرائيل من ممارسات غير شرعية وإبادة جماعية ممنهجة ضد المدنيين في قطاع غزة، ولاسيما مع بدء العدوان البري في مدينة غزة، يُمثل تحدياً سافراً لكل القيم الإنسانية، الأمر الذي يضع مصداقية النظام الدولي بأسره على المحك.
كما أكد أن مصر ترفض كل محاولات التهجير التي تُمارَس بحق الشعب الفلسطيني تحت أي مسمى، وتُدينها باعتبارها انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني، مشددا أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية يأتي في لحظة مفصلية وتاريخية في مسار الإنسانية، حيث يشكل دليلاً على أن الأمل قائم في نيل الشعب الفلسطيني حقه المشروع في أرضه، داعياً إلى اتخاذ خطوات عملية تقود إلى إقامة دولة فلسطينية.
وجدد عبد العاطي، التأكيد على أن مصر ستستمر في جهودها، بالتنسيق مع دولة قطر والولايات المتحدة، للتوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة، بما يتيح إغاثة الشعب الفلسطيني وإدخال المساعدات الإنسانية دون قيود عبر الآليات الأممية. كما نوه باعتزام مصر الدعوة لمؤتمر القاهرة لإعادة الإعمار، والبدء الفوري في تنفيذ الخطة العربية الإسلامية لإعادة إعمار القطاع، بما يضمن بقاء الشعب الفلسطيني على أرضه، مؤكداً على التزام مصر بدعم السلطة الوطنية الفلسطينية وتعزيز قدراتها، بما يؤهلها للاضطلاع الكامل بمسؤولياتها.
من ناحيتها قالت الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس: “هذا الاجتماع يحدث في بيئة عالمية شديدة التحدي. من الواضح أن الوضع على الأرض في غزة كارثي ولا يُحتمل، وقد وصل إلى مستويات غير مسبوقة من المعاناة والموت للشعب الفلسطيني، سواء في غزة أو في الضفة الغربية”.
وأضافت: “على الرغم من أن دعواتنا وجهودنا لوقف إطلاق النار لم تلقَ آذانًا صاغية، فقد لمحت بعض التفاؤل يوم أمس بعد اجتماع القادة العرب مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. دعونا نأمل أن تسفر هذه اللقاءات عن نتائج ملموسة”.
وأشارت كالاس إلى أن وقف إطلاق النار هو “السبيل الوحيد للإفراج غير المشروط عن جميع الرهائن، وفي نهاية المطاف، لإنهاء دائم للأعمال العدائية والمعاناة الإنسانية”. وأضافت: “لو كان هناك حل عسكري لغزة، لكانت الحرب قد انتهت بالفعل”.
وسلطت الضوء على جهود الاتحاد الأوروبي “للتواصل مع جميع الأطراف” من أجل إنهاء الحرب، وأكدت أن التكتل “نشط على جميع الجبهات”.
وأشارت كالاس إلى أن الاتحاد الأوروبي، بصفته أكبر مانح إنساني للشعب الفلسطيني، يدعم السلطة الفلسطينية “بالدعم المالي والسياسي”.
وأضافت: “لقد تعهّد الاتحاد الأوروبي بتقديم 1.9 مليار دولار لدعم السلطة الفلسطينية على مدى السنوات الثلاث المقبلة. كما قررنا إطلاق مجموعة مانحين لفلسطين ستركز على توسيع المساهمات والدعم طويل الأمد للإصلاحات”.
وأكدت: “الإفلاس والانهيار ليسا خيارًا إذا أردنا الحفاظ على أي فرصة لحل الدولتين”.
وأشارت كالاس إلى أن التحالف العالمي يمكن أن ينجح في جهوده لتحقيق حل الدولتين من خلال “ممارسة الضغط والحوار في آن واحد”.
بدوره، أكد وزير الخارجية القطري محمد بن عبد العزيز الخليفي، أن هذا الاجتماع يعقد في ظل زخم دولي تاريخي يعكس الإجماع الدولي المتضامن والداعم للشعب الفلسطيني الشقيق وقضيته العادلة.
وقال، إن دولة قطر، تشدّد على أن الإجماع الدولي لن يكتمل إلا بالضغط على إسرائيل لوقف الحرب المدمرة المستمرة في قطاع غزة، ومحاولات تهجير أهله، وتجنّب تداعيات ذلك على المنطقة.
كما شدد الخليفي على ضرورة وقف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في الضفة الغربية والقدس الشرقية وكافة الأراضي الفلسطينية المحتلة، وأي محاولة لضم الأراضي الفلسطينية المحتلة، مشدداً في هذا السياق على أهمية ضمان وصول الإغاثة الإنسانية وإعادة الإعمار على نطاق واسع، وترسيخ الأسس السياسية والاقتصادية والأمنية لدولة فلسطين المستقلة ذات السيادة، استناداً إلى القانون الدولي، ووفقاً لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.
وأشار، إلى الدور الحاسم لهذا التحالف في حشد الدعم الدولي لضمان التنفيذ الكامل لإعلان نيويورك، بما في ذلك إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، والتي تتمتع بالاعتراف الدولي والعضوية الكاملة في الأمم المتحدة.
وجدّد، تأكيد دولة قطر على أن مسار حل الدولتين، الذي انطلق بإجماع دولي تاريخي، يعكس تطلعات غالبية شعوب العالم المؤمنة بالحرية وحقوق الإنسان، ويشكّل فرصة حقيقية لتحقيق الأمن والسلام العادل والشامل والمستدام في منطقة الشرق الأوسط.
من جانبه، أكد وزير خارجية النرويج إسبن بارث إيدي أن حل الدولتين هو المسار الوحيد القابل للتطبيق. ودعا إلى تعزيز السلطة الفلسطينية لتجنب الانهيار.