تتحدى قوانين نيوتن!.. اكتشاف آلية جديدة تستخدمها الحيوانات المنوية
يمكن للحيوانات المنوية البشرية أن تسبح بسهولة مدهشة عبر سوائل عالية اللزوجة، في تحد صارخ لقانون نيوتن الثالث للحركة.
وهذا الاكتشاف المثير دفع فريقا بحثيا بقيادة العالم الرياضي كينتا إيشيموتو من جامعة كيوتو إلى دراسة حركات هذه الكائنات المجهرية قبل عدة سنوات، محاولين فهم كيفية تمكنها من الانسياب في وسط لزج كان من المفترض نظريا أن يقاوم حركتها.
وتعود جذور هذا اللغز إلى عام 1686 عندما وضع إسحاق نيوتن قوانينه الشهيرة للحركة، التي صاغ فيها العلاقة بين الأجسام المادية والقوى المؤثرة عليها. لكن يبدو أن هذه القوانين التي تصلح للأجسام الكبيرة لا تنطبق بنفس الدقة على الخلايا المجهرية التي تتحرك في سوائل لزجة.
ويعرف قانون نيوتن الثالث بأنه “لكل فعل رد فعل مساو في المقدار ومعاكس في الاتجاه”، وهو مبدأ يعكس تناظرا طبيعيا في القوى المتضادة. فمثلا، عندما تصطدم كرتان متساويتان في الحجم، فإنهما تتبادلان القوة بنفس المقدار ولكن في اتجاهين متعاكسين.
لكن عالم الكائنات المجهرية يخضع لقواعد مختلفة. فالحيوانات المنوية على سبيل المثال، تتحرك في أنظمة غير متوازنة، حيث تضيف حركة ذيولها طاقة مستمرة للنظام. وهذا الاختلاف الجوهري يخلق حالة من “التفاعلات غير المتبادلة” (non-reciprocal interactions) التي تسمح لهذه الكائنات بالتحرك دون أن تخضع تماما لقانون الفعل ورد الفعل التقليدي.
ونشر فريق إيشيموتو دراسة مفصلة حللوا فيها بيانات تجريبية عن حركة الحيوانات المنوية البشرية، كما قاموا بنمذجة حركة الطحلب الأخضر المعروف باسم “كلاميدوموناس”. ووجد الفريق أن هذه الكائنات تستخدم سياطا مرنة تبرز من أجسامها الخلوية، تتغير أشكالها بشكل ديناميكي لتوليد قوة دافعة.
والسياط هي بنية سطحية لخلايا حقيقيات النوى أو بدائيات النوى تساعدها على الحركة في الوسط السائل أو على سطح وسط جامد.
والمثير للدهشة أن هذه السياط تتمتع بما أطلق عليه الباحثون “مرونة غريبة”، تمكنها من الحركة في السوائل اللزجة دون أن تبدد طاقتها في الوسط المحيط.
ولمزيد من الفهم، طور الفريق مفهوما رياضيا جديدا أطلقوا عليه اسم “معامل المرونة الغريب”، لوصف الميكانيكا الداخلية المعقدة لهذه السياط.
وتكمن أهمية هذه الاكتشافات في تطبيقاتها الواسعة، بدءا من تصميم روبوتات مجهرية ذاتية التجميع تحاكي الكائنات الحية، ووصولا إلى فهم أعمق لمبادئ السلوك الجماعي في الأنظمة البيولوجية. كما تفتح هذه النتائج آفاقا جديدة في دراسة الأنظمة الفيزيائية التي تخرج عن نطاق القوانين الكلاسيكية، ما قد يقود إلى تطوير مفاهيم جديدة في ديناميكا الموائع المجهرية والفيزياء الحيوية.
نشرت الدراسة في مجلة PRX Life.
المصدر: ساينس ألرت