تضمنت وثيقة سرية وُضعت على مكتب رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، قبل ثلاثة أشهر من هجوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، توصية من رئيس جهاز الشاباك حينها بشنّ عمليات استباقية ضد حركة حماس في قطاع غزة، غير أن نتنياهو رفضها ولم يُجرِ بشأنها أي نقاش.
وتأتي هذه المعطيات في ظلّ استمرار رفض نتنياهو تشكيل لجنة تحقيق رسمية في الإخفاقات التي سبقت الهجوم، رغم مرور أكثر من عامين على ما بات يوصف في تل أبيب بأنه “أكبر كارثة أمنية في تاريخ إسرائيل”.
وقدّمت الوثيقة، التي أعدّها رئيس الشاباك آنذاك، رونين بار، في تموز/ يوليو 2023، خطة إستراتيجية للعام 2024 بعنوان “استعادة الردع وتغيير المعادلة”، ودعت إلى “تنفيذ جولات عسكرية استباقية ضد حماس وتوسيع الاغتيالات والحفاظ على جاهزية دائمة للمعركة”.
وكتب نتنياهو على هامش الوثيقة، ووفق القناة 12 الإسرائيلية، تعليقًا بخط يده جاء فيه: “ليست توجيهًا من رئيس الشاباك”، في إشارة إلى رفضه توصيات الجهاز الأمني وتدخله في وضع الإستراتيجيات الأمنية للحكومة، وعدم مناقشة الوثيقة في أي هيئة حكومية.
وتضعف الوثيقة التي لم يُكشف عنها سابقًا الخط الدفاعي الذي يتبناه نتنياهو في مواجهة الانتقادات، إذ لطالما اتهم الأجهزة الأمنية بالتقاعس، بينما تظهر المستندات أنه تجاهل التحذيرات ورفض التحرك الاستباقي ضد حماس.
وبحسب التقرير، فإن “الوثيقة كانت جزءًا من ملف استخباري أسبوعي سري يُقدَّم لرئيس الحكومة، لكنها لم تُناقش في أي جلسة بعد رفض نتنياهو إدراجها على جدول الأعمال”.
وعرض التقرير كذلك سلسلة من المواقف السابقة لنتنياهو خلال تولّيه رئاسة المعارضة في التسعينيات وبعد حرب لبنان الثانية، حين دعا مرارًا إلى تشكيل لجان تحقيق ضد رؤساء الحكومات في فترات الأزمات، مؤكدًا أن “المسؤولية الشخصية تبدأ من الأعلى”، فيما يُعرقل اليوم بشكل ممنهج إنشاء لجنة تحقيق رسمية في إخفاقات 7 أكتوبر، في تناقض صارخ مع مواقفه السابقة.
كما استعرض التقرير وثائق إضافية تُظهر أن نتنياهو، الذي وعد سابقًا “بإسقاط حكم حماس”، انتهج سياسة معاكسة تمامًا، من ضمنها السماح بتحويل الأموال القطرية إلى غزة، وإبرام صفقات تبادل شملت الإفراج عن مئات الأسرى، بينهم من خطط لهجوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر.
وأشار التقرير إلى أن أجهزة الأمن حذّرته مرارًا، بين عامي 2018 و2020، من أن “الذراع العسكرية لحماس تسيطر على جزء من الأموال القطرية”، وأن استمرار هذه السياسة قوّض الردع وأتاح للحركة إعادة بناء قدراتها.
ويرى مراقبون أن الوثيقة تكشف “سلسلة قرارات متراكمة” لرئيس الحكومة، ساهمت في ضعف الجاهزية العسكرية والاستخبارية أمام هجوم حماس.
وأضافت القناة أن أي لجنة تحقيق مستقبلية ستواجه سؤالًا محوريًا: “لماذا رفض نتنياهو توصية الشاباك بالتحرك ضد حماس رغم التحذيرات المسبقة؟”