كشفت صحيفة هآرتس العبرية، نقلاً عن تحليل أجرته منظمة Forensic Architecture البريطانية، أن جيش الاحتلال الإسرائيلي استغل فترة وقف إطلاق النار في قطاع غزة لبناء مواقع عسكرية جديدة وتوسيع السيطرة الميدانية على الأرض، إلى جانب استمرار عمليات التدمير المنهجي.
ووفقاً للتحليل المستند إلى صور أقمار صناعية حديثة، فقد أقامت “إسرائيل” 13 موقعًا عسكريًا جديدًا على طول ما يُعرف بـ”الخط الأصفر”، الذي يفصل بين المناطق الخاضعة لسيطرة جيش الاحتلال وتلك التي بقيت تحت سيطرة المقاومة الفلسطينية.
وأوضحت الصحيفة أن معظم هذه المواقع الجديدة تتركز في شمال قطاع غزة وشرق مدينة خانيونس، ما يشير إلى توجّه واضح لتثبيت واقع أمني وجغرافي جديد في المناطق التي انسحب منها الجيش ظاهريًا بعد وقف إطلاق النار.
ويُقيم جيش الاحتلال وفق التحليل، في 48 موقعًا عسكريًا على طول هذا الخط، كما قام بتوسيع عدد من الطرق التي تربط بين هذه المواقع وبين الأراضي داخل الخط الأخضر، إلى جانب شقّ طريق جديد في منطقة خانيونس، يعزز من حرية حركته العسكرية.
وأشارت هآرتس إلى أن التحليل يُظهر أيضًا استمرار الجيش في إزالة الأنقاض وتوسيع نطاق الدمار، خاصة في خانيونس ورفح، الأمر الذي يُثير تساؤلات عن نوايا الاحتلال الحقيقية بشأن مستقبل قطاع غزة، في ظل الحديث عن ترتيبات إعادة إعمار مفترضة.
وتؤكد هذه المعطيات، بحسب مراقبين، أن الاحتلال يسعى لتكريس واقع جديد على الأرض، يتجاوز مجرد العمليات العسكرية، إلى فرض تغييرات دائمة في الجغرافيا والبنية التحتية للقطاع.
كما أشارت هآرتس إلى أن سياسة التدمير التي ينتهجها جيش الاحتلال الإسرائيلي شهدت تحولاً كبيرًا خلال حرب الإبادة، خصوصًا بعد اجتياح مدينة رفح في مايو/ أيار 2024.
ووفقاً للتقرير، فإن الدمار في بداية الحرب كان نتيجة مباشرة للغارات الجوية والعمليات العسكرية، لكن مع التوغل البري وفرض السيطرة على مناطق واسعة، بدأ الجيش بتنفيذ عمليات هدم منهجية وموسعة لأحياء كاملة، مستخدمًا شركات مقاولات مدنية لتنفيذ المهام، لا سيما في رفح وخان يونس وجباليا.
وتشير التقديرات، بحسب الصحيفة، إلى أن هذه السياسة أدت إلى تدمير شبه كامل للبنية التحتية المدنية في مناطق واسعة، حيث دُمّرت نحو 100% من المباني في رفح، وعبسان، وخربة خزاعة، وجباليا، ومناطق أخرى، في ما وصف بأنه نهج ممنهج لتغيير جغرافيا القطاع وسكانه.
كما أسفرت الحرب عن تدمير 80% من البيوت البلاستيكية الزراعية، و87% من الأراضي الزراعية، بالإضافة إلى 80% من الطرق، ما يُفاقم من كارثة الأمن الغذائي والشلل التام في الحياة الاقتصادية.
وقدّر الخبراء حجم ركام المباني المُدمرة في القطاع بـنحو 61 مليون طن، ما يشير إلى حجم غير مسبوق من الدمار، يُعد من الأضخم في النزاعات المسلحة الحديثة.