google-site-verification=0y7SK1TSqpUjd-0k3R3QUeUDKj-1chg6Il-3Qtn7XUM
وكالة عيون القدس الإخبارية
وكالة عيون القدس الإخبارية

غزة: أوامر الإخلاء الإسرائيلية.. نازحون يعانون ويلات التهجير القسري

منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر العام الماضي، لم يتوقف جيش الاحتلال الإسرائيلي عن إصدار أوامر الإخلاء للفلسطينيين في مختلف مناطق القطاع.

وكان آخر أوامر الإخلاء، اليوم الخميس، حيث أجبر جيش الاحتلال آلاف المواطنين المتواجدين في آخر مراكز النزوح ببيت لاهيا على الخروج منها تحت وقع الغارات وإطلاق النار، -وقد عمد الاحتلال على تفريغ محافظة الشمال من سكانها منذ أن بدأ عملياته العسكرية فيها قبل شهرين تقريبا-، إضافة إلى أمر الإخلاء الذي صدر أمس الأربعاء لمناطق شمال خانيونس جنوب القطاع.

فمتى بدأت أوامر الإخلاء الإسرائيلية؟ وكم تقلص من مساحة القطاع؟ وماذا عن كذبة “المناطق الآمنة” التي يدعيها الاحتلال؟ وكيف تنظر المنظمات الدولية لتهجير السكان قسرا؟

أمر الإخلاء الأول

يوم الـ13 من أكتوبر 2023 لم يكن قد مضى على بدء العدوان سوى أسبوع، طلب جيش الاحتلال من سكان محافظتي غزة والشمال النزوح إلى -مناطق جنوب وادي غزة- أي إلى المحافظة الوسطى -البريج والنصيرات والمغازي ودير البلح- أو محافظتي خانيونس ورفح.

امتثل العدد الأكبر من سكان تلك المحافظتين وانتقلوا إلى الجنوب، وكانت حينها المنطقة التي ادّعى الاحتلال أنها آمنة تقارب 240 كم من أصل 360 -هي المساحة الكلية لقطاع غزة- .. ثم توالت بعدها الإخلاءات.

تسلسل تقليص “المنطقة الآمنة” 

  • بدأت التهديدات الإسرائيلية عندما ألقى الاحتلال منشورات تأمر سكان منطقة شمال الوادي بالإخلاء وتهددهم بالمخاطر المحدقة بهم في حال البقاء، بعدها زعم الاحتلال مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أنه خصّص المنطقة الجنوبية منطقة إنسانية آمنة، وبلغت مساحتها آنذاك 230 كيلومتراً مربعاً.

  • كانت “المنطقة الآمنة” تقع على مساحة 63% من إجمالي مساحة قطاع غزة، وهي عبارة عن أراض زراعية، ومراكز خدماتية وتجارية واقتصادية، وتشمل حدود مخيم النصيرات شمال غربي القطاع حتى معبر رفح البري جنوباً وشرقاً حتى شارع صلاح الدين.

  • ومطلع ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بدأ الاحتلال الإسرائيلي تنفيذ سياسة جديدة في القطاع، وتحديداً بعد انقضاء فترة الهدنة التي استمرت أسبوعاً (من 24 نوفمبر/ تشرين الثاني وحتى الأول من ديسمبر/ كانون الأول الماضيين).

  • وأعلن الاحتلال الإسرائيلي حينها مدينة خانيونس منطقة قتال، وقصف المنطقة الغربية الشمالية، ودمر مدينة حمد فيها، وارتكب العديد من المجازر، وقلّص “المنطقة الآمنة” بعد اجتياح خانيونس لتصل إلى 140 كيلومتراً مربعاً بما نسبته 38.3% من إجمالي مساحة قطاع غزة، وتشمل مرافق وطرقات وأراضي زراعية ومقابر ومنشآت اقتصادية قليلة.

  • في ذلك الوقت، كانت “المنطقة الآمنة” تضم مدينة رفح بالكامل ووسط قطاع غزة بمخيماته الأربعة البريج ودير البلح والنصيرات والمغازي. وكان النازحون يعيشون ظروفاً صعبة، وعمد الاحتلال إلى استهداف النازحين وعرباتهم، وجرى توثيق عدد من الانتهاكات بحق النازحين إضافة إلى الاعتقالات.

  • في بداية إبريل/ نيسان الماضي، انسحب الاحتلال الإسرائيلي من مدينة خانيونس، ولم يعلن عن تغيير في خريطة “المنطقة الآمنة” رغم عودة أهالي مدينة خانيونس والمهجرين إلى حيثما كانوا في الخيام قبل العملية العسكرية. لكن استمرت التهديدات بعملية برية على مدينة رفح التي كانت الأكثر اكتظاظاً حينها، وكانت تشهد قصفاً على مناطق تجمعات المهجرين، وعمليات عسكرية استهدفت سيارات ومناطق محاذية للمعبر حينها.

  • وفي السادس من مايو/ أيار الماضي، أعلن الاحتلال الإسرائيلي بدء العملية العسكرية في رفح، ليحتل معبر رفح البري، واستمر في تقليص المساحة الآمنة حتى وصلت إلى 79 كيلومتراً مربعاً، بما نسبته 20% من إجمالي مساحة القطاع، وتشمل غرب مدينة خانيونس حتى وسطها، مروراً بحدود مخيم النصيرات شمالاً، وحتى شرق شارع صلاح الدين، الفاصل مع المنطقة الشرقية.

  • واستمر القصف الإسرائيلي على المناطق الآمنة في منطقة المواصي التي شهدت توسعاً حتى منتصف يونيو/ حزيران الماضي، ليعلن تقليص “المنطقة الآمنة” إلى 60 كيلومتراً مربعاً، بما نسبته 16.4% من إجمالي مساحة القطاع، مقتطعاً المناطق الشرقية بالكامل عن الخريطة. وفي منتصف شهر يوليو/ تموز الماضي، قلصها إلى 48 كيلومتراً مربعاً، أي ما نسبته 13.15% من إجمالي مساحة قطاع غزة.

نزوح متكرر

تحدثت معظم المنظمات الدولية ولاسيما تلك العاملة في مجال حقوق الإنسان، حول أوامر الإخلاء والتهجير القسري لسكان القطاع، فقد أفادت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” أواخر يوليو/ تموز الماضي، بأن “تسعة من كل 10 فلسطينيين نزحوا بشكل قسري في قطاع غزة جراء الحرب الإسرائيلية المتواصلة”.

بدورها، أصدرت “منظمة هيومن رايتس ووتش” يوم الـ14 الشهر الماضي، تقريرا حول الوضع الإنساني في غزة، بعنوان “يائسون، جائعون، ومحاصرون .. تهجير إسرائيل القسري للفلسطينيين في غزة”، قائلة: إن “سلوك السلطات الإسرائيلية أدى إلى نزوح أكثر من 90% من سكان غزة، أي 1.9 مليون فلسطيني، على مدار الأشهر الـ13 الماضية”.

ومن جهتها، قالت منظمة العفو الدولية: إن ” 1.1 مليون فلسطيني يعيشون في المنطقة الواقعة شمال وادي غزّة، واجهوا في 12 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أمر “إخلاء” جماعي غير قانوني، مما أجبر مئات الآلاف من الأشخاص على الفرار جنوبًا بحثًا عن الأمان، مؤكدة أنه ولعدة أشهر، “عُزل مئات الآلاف من الأشخاص الذين بقوا في شمال وادي غزّة عن باقي القطاع إلى حد كبير بفعل المنطقة العسكرية المحصنة التي أقامتها إسرائيل”.

جريمة حرب

وفي تقريرها اعتبرت المنظمة الدولية المعنية بحقوق الإنسان، أن أوامر الإخلاء التي تصدرها السلطات الإسرائيلية لسكان شمال قطاع غزة تمثل صورة من صور “التهجير القسري” و”التطهير العرقي” وهو ما يرقى إلى “جريمة حرب” حسب القانون الإنساني الدولي، مؤكدة أنها “جمعت أدلة على أن المسؤولين الإسرائيليين يرتكبون جريمة حرب”.

وفي السياق، قالت منظمة العفو الدولية في الـ15 من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، حول العملية العسكرية في شمال القطاع، إنه يتعين على السلطات الإسرائيلية إلغاء أوامر “الإخلاء” القاسية وغير القانونية – والتي تشكل تعبيرًا إسرائيليًا مُلطّفًا عن التهجير القسري – الصادرة لسكان محافظة شمال غزّة.

جدير بالذكر أن الجيش الإسرائيلي بدأ في 5/10 حصار شمال القطاع وارتكاب جرائم إبادة جماعية مستمرة حيث يمنع دخول المساعدات الإنسانية للمحاصرين هناك، وقد هجّر معظم سكان بيت لاهيا ومخيم جباليا إلى مدينة غزة.

ويشار إلى أن “قانون النزاعات المسلحة” يحظر التهجير القسري للسكان المدنيين من الأراضي المحتلة، ما لم يكن ذلك ضروريا لأمن المدنيين أو لأسباب عسكرية ملحة.

ظروف نزوح كارثية

منذ أن أُجبر الغزيون على ترك منازلهم وهم يقاسون ظروفا معيشية لا إنسانية، حيث أن توفير مقومات الحياة الأساسية، بات مهمة شاقة ومكلفة، فالنزوح المتكرر والخيام الهزيلة -التي لا تقي بردا ولا تناسب حرارة الصيف- إضافة إلى ارتفاع الأسعار وعدم توفرها، كلها جعلت البقاء على قيد الحياة مكلفا للغاية.

وقد وصفت “الأونروا”، وضع النازحين، قائلة: أن “الخوف سائد بين العائلات التي باتت محاصرة في كابوس لا نهائي من الموت والدمار واسع النطاق”، حيث لم يتبق أمام هذه العائلات أي مكان للجوء إليه، مضيفة، “في كل مرة تصدر فيها أوامر الإخلاء، يضطر الناس إلى التخلي عن كل شيء وراءهم والفرار بحثا عن الأمان، وغالبا ما ينتهي بهم الحال في خيام غير صالحة للسكن البشري”.

في حين ذكر مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة أن أجزاء من طريق صلاح الدين، وهو ممر حيوي للبعثات الإنسانية، كانت مشمولة بأوامر الإخلاء، وقد جعل ذلك تنقل عاملي الإغاثة على هذا الطريق الرئيسي شبه مستحيل، كما أن حركة القوافل على الطريق الساحلي بطيئة للغاية وأن الإمدادات لا تصل إلى المحتاجين بالحجم المطلوب، محذرا من أن الوضع الإنساني الكارثي في غزة يتدهور بسبب الموجات المتكررة للنزوح.

نازحون بلا مأوى

يصدر جيش الاحتلال أوامر الإخلاء الجماعي في غزة وينشر خرائط جديدة تطالب المواطنين باتباعها، دون ضمان وجود أماكن آمنة وملائمة للنازحين؛ ما يفاقم الوضع الإنساني المتردي أصلا.

وحسب ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمم المتحدة، فإن “عمليات النزوح المتكررة تؤدي إلى فصل الأسر عن بعضها وتآكل أنظمة الحماية الاجتماعية، وخاصة بالنسبة للنساء والأطفال”.

كذبة “المنطقة الآمنة”

منذ بدء العدوان بدا واضحا أن زعم الاحتلال بوجود المناطق الآمنة كذبة ليس إلا، إذ إنه عمد إلى قصفها مراراً، وخصوصاً منطقة المواصي، حيث ارتكب العديد من المجازر، كما قصف مدينة رفح خلال شهري فبراير/ شباط ومارس/ آذار الماضيين، قبل أن تبدأ العملية العسكرية في 6 مايو/ أيار العام الجاري.

في هذا السياق، يوضح مدير المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، إسماعيل الثوابتة، أن الاحتلال يحاول شد الخناق أكثر على المهجرين والقاطنين في “المنطقة الآمنة” حالياً، وسط سلسلة من انتهاكات مقصودة تتعلق بحقوقهم الأساسية الإنسانية.

الأعلى كثافة في العالم

ويعيش حاليا قرابة مليون و700 ألف من سكان غزة في المنطقة التي لا تتجاوز مساحتها 36 كيلومترا أي ما نسبته 10% من إجمالي مساحة القطاع (الباقون يتوزعون في شمال غزة وفي المناطق التي صنفها الاحتلال مناطق قتال)، ولا تشمل هذه المناطق أية خدمات.

المساحة الآمنة الجديدة يقع معظمها في محافظة دير البلح وسط القطاع، وجزء بسيط في منطقة المواصي الإنسانية، وبسبب النزوح تحولت محافظة الوسط إلى بؤرة سكانية لا مثيل لها في العالم ولا في التاريخ.

وأمام هذا الواقع المأساوي، تظل العائلات النازحة تبحث عن مأوى سواء في المدارس المكتظة أو المباني المدمرة أو الخيام المتواضعة على الرمال، مع أن أيا من تلك الأماكن ليس آمنا، ولم يعد لدى الناس مكان يذهبون إليه، بعدما دمر الاحتلال معظم الأبنية والبنى التحتية وقصفت مدارس وحتى الخيام لم تسلم من الاستهداف  .. وينتظر قرابة المليوني غزّي أن تثمر المفاوضات عن وقف للعدوان الذي سرق منه كل ما يملك وتركه في خيمة بائسة لا تحميه وعائلته من قصف إسرائيلي غادر.

Leave A Reply

Your email address will not be published.