صحيفة: اتصالات حثيثة وأفكار جديدة للعودة لطاولة المفاوضات
علمت «القدس العربي» من مصادر مطلعة، عن وجود اتصالات «حثيثة» أُجريت أخيرًا، بهدف تطويق الخلافات التي تعوق التوصل إلى اتفاق بوقف إطلاق النار في غزة، اشتملت على طرح أفكار جديدة، يجري العمل على صياغتها بشكل دقيق، لتنطلق بعدها جولة تفاوض جديدة.
اللافت للانتباه في تلك التحركات، أنه وقبل اللقاء القطري الأمريكي في إسبانيا، عقد الوسطاء القطريون لقاءً مباشراً مع قيادة حركة المقاومة الإسلامية «حماس» في الدوحة، يوم الخميس الماضي، تخلله بحث الأفكار الجديدة لمقترح يضمن وقف إطلاق النار، بعد فشل صيغة المقترحات السابقة، وآخرها الذي أُجريت حوله مفاوضات دامت 18 يوماً، وانتهت قبل أقل من أسبوعين في العاصمة القطرية أيضاً، بسبب خلافات حول طريقة إنهاء الحرب.
ولم يُكشف بعد عن صيغة المقترح الجديد بتفاصيله الدقيق الذي يجري حالياً وضع بعض اللمسات عليه، ليكون جاهزاً للطرح قريباً، فيما لم يُحدَّد حتى اللحظة موعد نهائي لبدء جولة المفاوضات المقبلة.
لكن أحد المصادر أكد لـ «القدس العربي» أن نتائج لقاءات الوسيط القطري مع قيادة «حماس» في الدوحة، كانت حاضرة في اللقاء الذي جمع رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، مع المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف في إسبانيا يوم السبت، حيث جرى اطلاعه على آخر التطورات وما دار في اللقاء مع حماس.
ويتعلق الأمر بمقترح جديد، يعالج كل الخلافات الكبيرة والاختلافات بين «حماس» وإسرائيل في تفسير بنود اتفاق وقف إطلاق النار، والتي ظهرت في المفاوضات الأخيرة، وحالت دون إنهائها رغم أنها قطعت شوطاً طويلاً وأُنجز خلالها بعض التفاهمات.
الموعد الجديد لجولة المفاوضات لم يحدد بعد
وعلمت «القدس العربي» أن المقترح الذي يجري إعداده حالياً يراعي ما جرى التوافق عليه بين الطرفين في عدة نقاط، كما يقدم أفكاراً جديدة لحل الخلافات العالقة بين مطالب «حماس» وإسرائيل.
وحسب المعلومات المتوفرة، فإن المقترح الجديد يبحث حلاً وسطاً بين الصفقة الشاملة والجزئية، من خلال الإبقاء على مقترح تهدئة لمدة 60 يوماً، وربما تزيد عن ذلك، بضمانات أمريكية ودولية تمنع عودة الحرب، ويتخللها عقد صفقة تبادل أسرى شاملة، تُطلق فيها المقاومة كل الأسرى الإسرائيليين لديها، وكذلك جثث الجنود القتلى، مقابل عدد كبير من الأسرى الفلسطينيين المتفق عليهم وفق «مفتاح» التبادل الجديد.
ويعالج المقترح الجديد معضلة «خريطة الانسحاب» الإسرائيلي من غزة، التي كانت سبباً رئيسياً في إفشال جولة المفاوضات الأخيرة، من خلال انسحاب الجيش الإسرائيلي من عمق القطاع والمناطق التي احتلها بعد انهيار التهدئة الأخيرة، مع بقائه في مناطق قرب الحدود فقط، تمهيداً لانسحاب كامل.
وتراعي هذه الخطة المطروحة حالياً مطالب إسرائيل بصفقة أسرى شاملة، وكذلك مطلب حركة «حماس» بعدم عودة الحرب، فيما سيجري البحث التفصيلي خلال المفاوضات والاتصالات الجارية حول الجهة التي ستتولى إدارة قطاع غزة في الفترة المقبلة، بعد القرار الأخير للحكومة الإسرائيلية المصغرة الرافض لحكم «حماس» أو إيكال إدارة القطاع للسلطة الفلسطينية.
ومن بين ما يُبحث حالياً خيار «اللجنة الإدارية» الذي سبق أن طرحته مصر وحظي بدعم عربي وإسلامي، فيما برزت خلال اليومين الماضيين مطالبات، في حال لم يتم ذلك، وخاصة بعد قرار الحكومة الإسرائيلية المصغرة، بإيكال المهمة إلى لجنة عربية تقودها مصر تشرف على إدارة القطاع، لحين تسليمه إلى السلطة الفلسطينية.
ومن المفترض أن يُقدَّم المقترح الجديد للتهدئة من قبل الوسطاء إلى كل من حماس وإسرائيل، بعد أن يصبح جاهزاً، وسط توقعات أن يكون ذلك قريباً، حتى لا يُترك المجال لمزيد من التصعيد في قطاع غزة الذي يعيش سكانه ظروفاً غاية في الصعوبة.
وتمهيداً لبدء المفاوضات المرتقبة، نفى الوسيط الأمريكي من أصل فلسطيني بشارة بحبح ما نقلته «القناة 12» الإسرائيلية بخصوص استقالته من مهامه، وكتب على «فيسبوك» أن الحديث عن استقالته كوسيط وعن توتر في علاقته مع ويتكوف «كلام خالٍ من الصحة»، مضيفاً: «كنت وما أزال صوتاً يدافع عن أهل غزة ويعمل لإنهاء الحرب البغيضة التي تُشن على القطاع».
ومع بداية التحركات الجديدة، قالت حركة «حماس» إنها قدمت «كل المرونة» عبر الوسيطين المصري والقطري لإنجاح وقف إطلاق النار، وأعلنت في تصريح صحافي استعدادها لـ «صفقة شاملة للإفراج عن جميع أسرى الاحتلال بما يحقق وقف الحرب وانسحاب قوات العدو».
يُشار إلى أن فشل المفاوضات الأخيرة التي دامت 18 يوماً في الدوحة، عُزي إلى «خريطة الانسحاب» الإسرائيلي من قطاع غزة، حيث رفضت إسرائيل الانسحاب من العديد من المناطق في القطاع، لا سيما مدينة رفح، وقدمت خرائط لإعادة الانتشار تُبقي احتلال نحو 40% من مساحة القطاع، بخلاف ما كان عليه الوضع خلال اتفاق التهدئة السابقة الذي أُبرم في كانون الثاني/يناير الماضي ودام 42 يوماً.
وآنذاك طالبت إسرائيل ببقاء قواتها تحتل مناطق على طول الحدود الشرقية والشمالية للقطاع بعمق 1500 متر، مع بقاء احتلال «محور فيلادلفيا» على طول الحدود بين قطاع غزة ومصر، وبعمق أكبر داخل أراضي مدينة رفح، كما رفضت إطلاق سراح العدد الذي طالبت به حركة حماس من الأسرى، وبرزت أيضاً خلافات حول طرق توزيع المساعدات الإنسانية، مع تمسك إسرائيل أن تشرف الشركة الأمريكية على توزيع المساعدات الإنسانية في أربعة مراكز أقامتها في وسط وجنوب القطاع، ضمن خطة لسحب الملف من الوكالات الأممية.
وذكرت تقارير عبرية أن وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر قال خلال اجتماع الحكومة الإسرائيلية المصغرة الخميس الماضي، إن إدارة الرئيس دونالد ترامب ستقدم في الأسابيع المقبلة مقترحاً لـ «نهاية اللعبة» في الحرب على غزة، ويتردد أن الاتصالات الأخيرة دفعت نتنياهو لتغيير خطة احتلال غزة من خطة عاجلة إلى خطة متدحرجة، بانتظار نتيجة التحركات الجديدة.