أظهرت دراسة نشرت يوم الخميس 9 يناير/كانون الثاني في مجلة “ذا لانسيت” الطبية أن الإحصائيات الرسمية الفلسطينية لعدد الشهداء الذين ارتقوا بشكل مباشر نتيجة حرب الإبادة الجماعيّة التي ترتكبها “إسرائيل” لليوم الـ 462، تتجاوز الإحصائيات الرسمية بنسبة تقارب 41% حتى منتصف عام 2024، وذلك في ظل انهيار البنية التحتية للرعاية الصحية في القطاع.
الدراسة التي أجراها باحثين من كلية لندن للصحة العامة وطب المناطق الحارة (London School of Hygiene & Tropical Medicine)، وجامعة ييل، ومؤسسات أخرى، أشارت إلى أن الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة أسفرت عن ارتقاء ما يقارب 64260 فلسطينيًا، وهو ما يفوق تقديرات وزارة الصحة الفلسطينية التي سجلت أكثر من 46 ألف ضحية.
واعتمد الباحثون في دراستهم على منهجية إحصائية تسمى “تحليل الالتقاط وإعادة الالتقاط”، التي تستخدم لتقدير أعداد الضحايا في مناطق النزاع، وأظهرت النتائج أن 59.1% من الضحايا كانوا من النساء والأطفال وكبار السن.
وفي نفس السياق، أوضحت الدراسة أن وزارة الصحة الفلسطينية اعتمدت في البداية على الأعداد التي تم جمعها من الجثث التي وصلت إلى المستشفيات، إلا أنها لجأت لاحقا إلى وسائل إضافية مثل استمارات إلكترونية وزعتها عبر الإنترنت لتحسين جمع البيانات.
من جانب آخر، أظهرت الدراسة أن قدرة وزارة الصحة على توثيق أعداد الشهداء قد تأثرت بشدة بسبب الحرب الإسرائيلية التي شملت مداهمات للمستشفيات وقطع وسائل الاتصال الرقمية، مما عرقل عملية تسجيل الضحايا.
“حقيقة مرعبة”
وفي تصريح لوكالة “رويترز”، أكدت الباحثة المشاركة زينة جمال الدين أن نتائج الدراسة تكشف عن “حقيقة مرعبة” حول العدد الحقيقي للقتلى، مشيرة إلى أن العديد من الضحايا دفنوا تحت الأنقاض، مما حال دون تضمينهم في الإحصاءات الرسمية.
وعلى الرغم من التشكيك الأميركي والإسرائيلي في أرقام وزارة الصحة في غزة، فإن الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية دولية اعتبرت هذه الإحصاءات “موثوقة وذات مصداقية “.
وفي السياق، كشف جهاز الدفاع المدني، اختفاء عدد كبير من جثامين الشهداء بفعل الانصهار جراء كمية المتفجرات التي أطلقها جيش الاحتلال الإسرائيلي على أمكان الاستهداف، ليخلف “مجازر مروعة بحق الأحياء والأموات”.
وبـ “لغة الأرقام”، أفاد تقرير الدفاع المدني، اليوم الجمعة، اختفاء 7820 جثماناً بشكل كلي أوجزئي بأماكن استهداف القصف الإسرائيلي في القطاع، وهو ما نسبته 10 في المئة من شهداء القطاع من العدوان عليه في أكتوبر/تشرين أول 2023.
وبين التقرير، أن 10% من حالات القصف الإسرائيلي تتسبب بتبخر أجزاء من جثامين الشهداء، حيث لم تتمكن طواقم الدفاع المدني من انتشال العديد من الجثامين في أمكن القصف جراء تلاشيها تمامًا أو تبقي أجزاء بسيطة منها لا تكاد تذكر.
وأشار إلى، أن من يكونون في الدائرة القريبة من موقع الاستهداف تتبخر أجسادهم فيما يستشهد الآخرون إما جراء قوة الانفجار أو جراء هدم المباني بفعل شدة الانفجار.
وبدعم أمريكي ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، إبادة جماعية في غزة خلفت أكثر من 155 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.
وتواصل إسرائيل مجازرها متجاهلة مذكرتي اعتقال أصدرتهما المحكمة الجنائية الدولية في 21 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، لارتكابهما جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين في غزة.