تعمد جيش الاحتلال الإسرائيلي رسميا إصدار تقارير كاذبة، في محاولة لتبرير جريمته بقصف مخيم للنازحين في رفح مساء الأحد الماضي، والذي أسفر عن استشهاد 45 مدنيا فلسطينيا، فقد أعلن الجيش بداية أن الحريق الذي أودى بحياة النازحين نجم عن سقوط شظية صاروخ على حاوية وقود، علما أن قطاع غزة يعاني من نقص هائل بالوقود والمستشفيات تعمل بصعوبة جراء ذلك والكهرباء معدومة، وليس واضحا كيف تتواجد حاوية وقود في مخيم للنازحين.
وبعد أن تيقن جيش الاحتلال الإسرائيلي أن كذبته لم تقنع أحدا في العالم، الذي ندد بشدة بقصف المدنيين، انتقل إلى كذبة ثانية، وهي أن القصف أصاب مخزن أسلحة، لم يكن الجيش يعلم بوجوده، وكأن وجود مخزن كهذا يبرأه من جريمة استهداف النازحين. إلا أن المراسل العسكري لإذاعة جيش الاحتلال، دورون كادوش، أفاد بأنه لا يوجد معلومات واضحة حول ذلك وأن الجيش يحقق في الموضوع، أي أن الجيش وضع الحجة ويعمل على “إثباتها”.
وتتضح الكذبة من خلال أقوال المتحدث باسم جيش الاحتلال، دانيال هغاري، أمس، وزعم فيها أنه جرى قصف المكان بقنبلتين “صغيرتين” زنة كل واحدة منهما 17 كيلوغرام ، لكن المحلل العسكري في صحيفة “هآرتس”، عاموس هرئيل، أكد اليوم الأربعاء، أن “هذه صياغة مضللة”، وأن “زنة كل واحدة من القنبلتين 110 كيلوغرام”.
وفيما تطلق “إسرائيل” أكاذيبها وتصدقها، ارتكبت، أمس، مجزرة أخرى، راح ضحيتها 20 شهيدا مدنيا، باستهداف لمنطقة المواصي، التي أرغم الجيش الإسرائيلي الفلسطينيين على النزوح من رفح إليها، وزعمت أنها تعتبر المواصي منطقة آمنة وتعهدت بعدم استهدافها.
ولفت هرئيل إلى “وجود فجوة كبيرة بين عدم اكتراث “إسرائيل” بالتقارير حول أحداث يسقط فيها عدد كبير من القتلى في قطاع غزة، وبين ردود الفعل الدولية. فقد شككت وسائل الإعلام العالمية بالتفسيرات الإسرائيلية” للجريمة بحق النازحين، والتي جاءت بعد يومين من قرار محكمة العدل الدولية في لاهاي الذي طالب إسرائيل بوقف اجتياح رفح.
في هذه الأثناء، قلّصت إدارة بايدن معارضتها لهجوم جيش الاحتلال الإسرائيلي في رفح في الأسابيع الأخيرة، “واستخدمت ادعاءات مشابهة” لتلك الإسرائيلية. وأضاف هرئيل أن جريمتي استهداف النازحين في رفح والمواصي، “تدل على الصعوبة في مواصلة القتال في مكان مكتظ وفي الوقت نفسه التزام إسرائيل بالتوقعات الأميركية منها”
ويحشد جيش الاحتلال المزيد من قواته في رفح، ويتوغل في المدينة. ورأى هرئيل أن المدة التي ستستمر فيها العملية العسكرية في رفح متعلقة برد الفعل الإدارة الأميركية، “التي لا تزال تقول بحذر في هذه الأثناء إنها تتوقع تفسيرات إسرائيلية أخرى. ولم تحاول الولايات المتحدة لجم تقدم الجيش ، وإنما طلبت أن تحاذر “إسرائيل” وتقليص استهداف المدنيين”.
واعتبر أنه تتراكم حاليا “مجموعة مخاطر محتملة على حكومة نتنياهو: التحفظات الأميركية، الإجراءات في كلا محكمتي لاهاي – خاصة احتمال صدور مذكرتي اعتقال دوليتين ضد نتنياهو ووزير الأمن، يوآف غالانت – وسيناريو إجراء مجلس الأمن الدولي مداولات تدعو لوقف القتال وأن تضطر الولايات المتحدة إلى اتخاذ قرار حول ما إذا ستستخدم الفيتو”.
إلا أن هرئيل وصف الخطوات الأميركية الآن بأنها “ضبابية جدا”، وأنه لم تصدر بعد تصريحات عن الرئيس الأميركي، جو بايدن، وتستعرض الإمكانيات الماثلة أمام إسرائيل، “ويصعب القول إن الخطوات الأميركية ناجعة بشكل كبير”.