قالت وكالة “بلومبيرغ” إن الإسرائيليين يطالبون حكومتهم بالتراجع عن خطة الاجتياح البري لمدينة رفح في غزة، مشددين على أن وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن يجب أن يحظيا بالأولوية.
ووفق الوكالة، يرى الإسرائيليون أنه “يمكن في مرحلة لاحقة تحييد حماس عن طريق إغلاق الحدود مع مصر جنوبي القطاع مما يحرم ما تبقى لدى الحركة من الأسلحة التي تزعم إسرائيل أنها تدخل غزة بهذه الطريقة، وهو ما يساعد أيضا في حماية أكثر من مليون فلسطيني نزحوا إلى رفح”.
ويصر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على أن الطريقة الوحيدة لهزيمة حماس هي إرسال قوات إلى مدينة رفح، إذ تقول الحكومة إن “ما يتراوح بين 5000 إلى 8000 مقاتل يشكلون 4 كتائب تابعة لحماس متحصنون هناك إلى جانب القادة والعديد من الرهائن.
وقد طرح نتنياهو ومستشاره المقرب وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، هذه القضية أكثر من مرة بما في ذلك خلال المشاورات المتوترة مع واشنطن هذا الأسبوع، وفق “بلومبيرغ”.
ولكن في أعقاب مقتل 7 من عمال الإغاثة الدوليين في غارة إسرائيلية، وتزايد القلق العالمي بشأن الوفيات بين المدنيين، وانتشار الأمراض في غزة والتحذيرات من المجاعة في القطاع، حث البعض على إحداث تحول.
والخميس، قال الرئيس الأمريكي جو بايدن خلال اتصال هاتفي مع نتنياهو إنه ما لم تقم إسرائيل بحماية المدنيين فإن الولايات المتحدة ستعيد النظر في دعمها للحرب المستمرة منذ 6 أشهر.
وذكرت وكالة “بلومبيرغ” أن متحدثا باسم نتنياهو صرح “بأن تل أبيب تأخذ في الاعتبار ما ينصح به حلفاؤها، وستفعل ما هو في مصلحة إسرائيل”.
وتعد الولايات المتحدة أهم حليف لإسرائيل وتوفر قدرا كبيرا من الأسلحة لتل أبيب، حيث لا يرغب أغلبية الإسرائيليين في رؤية علاقات بلادهم مع واشنطن تتدهور نتيجة للحرب.
وأفاد عاموس يادلين المدير السابق للمخابرات العسكرية الذي يقدم المشورة لأعضاء مجلس الوزراء الحربي، بيني غانتس وغادي آيزنكوت، بأنه على الرغم من أهمية هزيمة تلك الكتائب الأربع في رفح “فإن الأولوية الكبرى هي إغلاق الحدود بين المدينة ومصر”.
وأضاف: “يمكن محاصرة هذه الكتائب وفعل الكثير إذا كنت تريد حقا إنهاء الحرب وإعادة الرهائن”، مشيرا إلى أن هدفي الحرب المتمثلين في إضعاف قدرات حماس حتى لا تستطيع تكرار ما فعلته مرة أخرى، وإعادة كل الرهائن “يمكن تحقيقهما”.
وتابع: “بعد ذلك يمكننا إعلان النصر والبدء في إعادة بناء إسرائيل”.
ومن المتوقع أن يجتمع رؤساء المخابرات من الولايات المتحدة ومصر وقطر وإسرائيل مرة أخرى في القاهرة الأسبوع المقبل، للمضي قدما في المحادثات بشأن وقف إطلاق النار لمدة 6 أسابيع والإفراج عن العديد من الرهائن والسجناء الفلسطينيين وتسليم المزيد من المساعدات إلى غزة.
ورغم أن إسرائيل فتحت هذا الأسبوع معابر حدودية جديدة لدخول المساعدات إلى غزة، فإن اجتياح رفح من المحتم أن يؤدي إلى خسائر فادحة في صفوف المدنيين، بغض النظر عن مدى الدقة التي ستتم بها العملية، وفق “بلومبيرغ”.
وقالت إسرائيل منذ أسابيع إنها تعمل على إيجاد طريقة تسمح للمدنيين بمغادرة المدينة قبل وقوع أي هجوم، بينما رفض المسؤولون الأمريكيون الخطة باعتبارها “غير كافية”.
وقد يكون زعيم حزب الوحدة الوطنية الإسرائيلي بيني غانتس الذي يتقدم بفارق كبير عن نتنياهو في استطلاعات الرأي، من بين المسؤولين الذين يؤيدون عدم الدخول إلى رفح، حيث دعا هذا الأسبوع إلى إجراء انتخابات في سبتمبر المقبل بدلا من عام 2026، وهو الاقتراح الذي رفضه رئيس الوزراء الإسرائيلي فورا.
وإلى جانب المخاوف الأمريكية، يواجه نتنياهو أيضا ضغوطا من الاحتجاجات الإسرائيلية التي شارك فيها ما يقرب من 100 ألف شخص، في نهاية الأسبوع الماضي، من بينهم عائلات الرهائن الذين دعوا إلى التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح المختطفين، معتبرين أنه يجب أن “يأخذ الأولوية القصوى بدلا من الحرب”.
وحسب الوكالة الأمريكية، فإن العديد من الإسرائيليين “فقدوا الثقة في نتنياهو، ويشعرون بالقلق من أنه يطيل أمد الحرب للبقاء في السلطة، حيث سيواجه التحقيق والانتخابات، ومن غير المرجح أن يحقق نتائج جيدة”.
وأشارت “بلومبيرغ” إلى أنه “حتى لو تخلى غانتس وآيزنكوت عن حكومة الحرب الإسرائيلية، فإن نتنياهو لديه ائتلاف حاكم قوي مع شركاء من اليمين، الذين يريدون تنفيذ الهجوم على رفح ويمكن أن يهددوا الحكومة إذا استجاب نتنياهو إلى واشنطن بشأن تغيير السياسة”.
وتضيف “بلومبيرغ” أن العملية العسكرية في رفح “ما زالت مرجحة أكثر من عدمها، لكن الخطاب الذي تقوده الولايات المتحدة بدأ يتغير”.