العليا الإسرائيلية تقرر: رئيس الشاباك يواصل مهامه حتى إشعار آخر
أصدرت المحكمة الإسرائيلية العليا، مساء الثلاثاء، قرارًا يقضي بمواصلة رئيس جهاز الشاباك، رونين بار، تولي مهامه إلى حين صدور قرار آخر في الالتماسات المقدّمة بشأن إقالته. وبموجب القرار، يُمنع رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، من تعيين بديل دائم أو مؤقت لرئاسة الجهاز في هذه المرحلة، فيما سُمح له بإجراء مقابلات مع مرشحين محتملين للمنصب. كما أقرت المحكمة إمكانية تقديم إفادات خطية من قبل نتنياهو وبار تتضمّن ادعاءات كل طرف ضد الآخر.
وبعد نحو 11 ساعة، اختتمت العليا الإسرائيلية، الجسلة التي خصصت للنظر في الالتماسات المقدّمة ضد قرار الحكومة بإقالة رئيس جهاز الشاباك، حيث منح رئيس المحكمة، يتسحاق عميت، مهلة للحكومة والمستشارة القضائية، غالي بهاراف ميارا، حتى ما بعد عيد “الفصح” اليهودي، من أجل التوصل إلى تسوية في هذا الشأن,
وقال عميت، في ختام الجلسة، “بعد أن لمسنا بوادر استعداد من سكرتارية الحكومة والمستشارة القضائية، نمنحكم فرصة للتوصل إلى تسوية خلاقة” حتى ما بعد عيد “الفصح” اليهودي، وتحديدا في 20 نيسان/ أبريل الجاري، حول إقالة رئيس الشاباك، وأضاف “نحن نشجّع الحوار بقدر الإمكان”.
من جهتها، أوضحت القاضية دافنا باراك إيرز: “لسنا نُلزم، لكننا نُتيح الفرصة لتقديم طرح مشترك إن رغبتم بذلك”، فيما أشار القاضي نوعم سولبرغ إلى أن “السلطات تعرف كيف تكون مبدعة وسريعة عندما يلزم الأمر، وعليها مراعاة المصلحة العامة”.
وخلال الجلسة، اقترحت القاضية باراك إيرز تأجيل قرار الإقالة إلى ما بعد انتهاء تحقيق ما يعرف بـ”قضية قطر غيت”، وقالت: “هناك تحقيق، وعند انتهائه تزول شبهة تضارب المصالح”.
في حين رفض المحامي تصيون أمير، الذي مثّل الحكومة، ذلك بشدة، وقال “هذا اقتراح خطير، وكأن كل مسؤول في الشاباك يستطيع ضمان بقائه في منصبه بفتح تحقيق ما”.
وشهدت الجلسة توترًا كبيرًا، إذ قاطع الحضور، ومن بينهم والد أحد الجنود القتلى، الجلسة بالصراخ، ما اضطر القضاة إلى استكمال الجلسة بدون جمهور.
وحضر الجلسة عدد من المسؤولين الأمنيين السابقين، من بينهم رئيس الشاباك الأسبق، يورام كوهين، ورئيس الموساد الأسبق، تامير باردو، إلى جانب المفوض العام الشرطة السابق، روني ألشيخ.
وفي بداية الجلسة، قال رئيس المحكمة، عميت، إن قرار الحكومة بإنهاء ولاية رئيس الشاباك قبل موعدها “يُعدّ حدثًا غير مسبوق”. وعلّقت عضو الكنيست طالي غوتليب (الليكود) بمقاطعة كلام القاضي، فطلب منها عدم المقاطعة.
ورأى محامي الحكومة أن الالتماس “سياسي الطابع”، وقال إن قرار إقالة بار اتُخذ بالإجماع من الحكومة باعتباره جزءًا من السياسة الأمنية، مشيرًا إلى أن “لا يمكن الاستمرار بالعمل مع رئيس جهاز يفتقد ثقة القيادة السياسية”.
إلا أن القضاة شددوا على أهمية الإجراءات القانونية السليمة، ورأى القاضي سولبرغ أن “السلطة ليست جوهر المسألة، بل طريقة استخدامها”، في حين قالت القاضية باراك إيرز إن “وجود السلطة لا يُلغي وجوب التقيد بقواعد القانون الإداري”.
وذكر محامي الحكومة أن فقدان الثقة في رئيس الشاباك “بدأ في تشرين الثاني/ نوفمبر 2024″، وليس بسبب التحقيق الجاري، مضيفًا أن استمرار بار في منصبه “يشكل خطرًا على النظام الديمقراطي”.
بدوره، اتهم القاضي عميت محامي الحكومة بمحاولة “إخافة المحكمة”، ورد على تحذيراته بالقول: “لم نواجه سابقًا إنهاء ولاية أحد كبار المسؤولين الأمنيين الذين يتم تعيينهم عبر اللجنة الاستشارية”.
وفي السياق ذاته، شدد محامي الحكومة على أن بار لم يتعامل بالشكل المطلوب مع دعوات الامتناع عن الخدمة في الجيش قبل 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، واصفًا تصريحاته وانتقاداته للقيادة السياسية بأنها “تمرد صريح”.
وفي إحدى اللحظات المتوترة، رد القاضي عميت بغضب على اتهام بار بعدم ملاحقة الطيارين الرافضين للخدمة، قائلاً: “هل تطلب أن يتصرف رئيس الشاباك ضد الطيارين؟”.
وفي نهاية مرافعة محامي الحكومة، اقتحم نائب الوزير ألموغ كوهين الجلسة مهاجمًا القضاة واتهمهم بـ”الإضرار بأسر الضحايا”، ما دفع القاضي عميت إلى تجاهل مداخلته، مكتفياً بالقول: “اشترطنا عليه الحفاظ على الهدوء، وسنتجاوز هذا الإرباك”.
وفي نهاية الجلسة، رفض رئيس المحكمة رأي محامي الحكومة بشأن عدم الحاجة للعودة إلى اللجنة الاستشارية في مسألة إقالة بار، مشددا على أنه يقر موقف المستشارة القضائية في هذه المسألة، قائلاً: “عندما تكون هناك تفسيران، لا أرى أن تفسير سكرتير الحكومة هو المرجّح على رأي المستشارة القضائية”.
نتنياهو ينتقد قرار العليا بتأجيل إقالة رئيس الشاباك ويمضي في تعيين بديل
بدوره، انتقد رئيس الحكومة الإسرائيلية، في بيان صدر عن مكتبه، مساء الثلاثاء، قرار العليا القاضي بتأجيل سريان إقالة رئيس الشاباك، لعشرة أيام إضافية، واعتبره “قرارًا مستغربًا”، مشيرًا إلى أن القضاة “أكدوا خلال الجلسة أن لا خلاف على صلاحية الحكومة في إنهاء ولايته”.
وأضاف البيان أن “غالبية ملاحظات القضاة تناولت الجوانب الإجرائية، بما في ذلك الادعاء القائل إنه كان يجب على الحكومة إتاحة المجال أمام رئيس الشاباك المقال للمثول أمام لجنة تعيينات كبار المسؤولين، كما طالبت المستشارة القضائية للحكومة”.
وتابع البيان “لكن وقبل تسعة أشهر فقط، عندما طلب وزير الأمن القومي عزل المفوض العام للشرطة قبل انتهاء ولايته، لم تُشر المستشارة القضائية إلى وجوب مثوله أمام اللجنة”. واتهم رئيس الحكومة المستشارة القضائية بمحاولة “منع إقالة رونين بار بأي ثمن”.
وقال إن ذلك يأتي “بذريعة وجود تحقيق جارٍ” ضد مقربين من نتنياهو، وأضاف “لا يمكن القبول بنتيجة تُمنع فيها الحكومة من إقالة رئيس جهاز أمني فاشل فقط بسبب فتح تحقيق لا علاقة له بأي وزير في الحكومة”.
وأشار البيان إلى “نتيجة خطيرة” قد تسمح “لكل رئيس شاباك فاشل يرغب بالبقاء في منصبه بفتح تحقيق ضد أي شخص مرتبط بأحد الوزراء، من أجل عرقلة إقالته”. وختم البيان بالتشديد على أن “رئيس الحكومة سيواصل مقابلة المرشحين لتولي رئاسة الشاباك”.