“إسرائيل” تتخذ إجراءات جديدة على دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة
كشفت صحيفة “هآرتس” العبرية، عن إجراء جديد اتخذته “إسرائيل” أجبر عشرات من المنظمات الإنسانية العاملة في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة على وقف أنشطتها.
وقالت الصحيفة العبرية: إنّ “عشرات المنظمات التي سبق أن حصلت على موافقة إسرائيلية تُجبر الآن على وقف عملها بسبب إجراء صارم، ما يُبقي آلاف الأطنان من المواد الغذائية ومعدات الإغاثة خارج غزة”.
وأوضحت أن الإجراء “يشدد شروط دخول المنظمات إلى غزة والضفة الغربية، ويُلزمها بتقديم تفاصيل عن موظفيها وعائلاتهم”، مضيفة أنه “على الرغم من الهدوء الذي ساد قطاع غزة منذ وقف إطلاق النار (بين إسرائيل وحركة حماس في العاشر من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي)، إلا أن الوضع الإنساني في القطاع لا يزال صعباً للغاية”، بحسب الصحيفة.
وبيَّنت أنه “لا يزال مئات الآلاف من الفلسطينيين يعيشون في خيام، وشبكات المياه والصرف الصحي والكهرباء مدمرة، والمستشفيات تنهار تحت وطأة الجرحى والمرضى، وأسعار المواد الغذائية مرتفعة، ويعتمد جزء كبير من الفلسطينيين على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة”.
وتم إعداد الإجراء الجديد في مارس/ آذار الماضي، بعد نقل تسجيل المنظمات من وزارة الرفاه إلى وزارة الشتات برئاسة عمّيحاي شيكلي (من حزب الليكود)، وفقاً للصحيفة.
وأوضحت “هآرتس” أنه بموجب هذا الإجراء تُلزم المنظمات بتقديم عدد كبير من الوثائق لإسرائيل، بينها قائمة بجميع موظفيها الأجانب والفلسطينيين، ومعلومات عن أفراد عائلاتهم.
وأضافت: “كما أصبحت لوزارة الشتات الآن صلاحية واسعة لرفض طلبات على المنظمات”، وزادت بأنه يحق للوزارة رفض منظمة إذا تبيّن أنها “تنكر وجود إسرائيل دولةً يهودية وديمقراطية أو تعمل على نزع الشرعية عن إسرائيل”، على حد تعبير الصحيفة.
واستطردت بأن هناك سبباً إضافياً لرفض منح تصريح لمنظمة إنسانية، وهو دعمها لـ”محاكمة مواطنين إسرائيليين في دولة أجنبية أو أمام محكمة دولية”، في إشارة إلى ارتكابهم جرائم خلال حرب الإبادة في غزة.
ولمدة سنتين شنت “إسرائيل”، بدعم أميركي، حرب إبادة جماعية على الفلسطينيين في قطاع غزة منذ الثامن من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 خلفت 68 ألفاً و872 شهيداً فلسطينياً، و170 ألفاً و677 جريحاً، معظمهم أطفال ونساء، ودماراً طاول 90% من البنى التحتية المدنية، مع كلفة إعادة إعمار قدرتها الأمم المتحدة بنحو 70 مليار دولار.
كما يمكن رفض منظمة إذا كان أحد موظفيها قد “نشر خلال السنوات السبع السابقة لطلب التسجيل دعوة علنية لـمقاطعة إسرائيل”، بحسب الصحيفة.
ومنذ بداية سبتمبر/ أيلول الماضي أعلنت وزارة الشتات الإسرائيلية رفضها 14 طلباً من أصل 100 طلب مُقدّمة من منظمات، فيما لا تزال الطلبات المتبقية قيد الفحص. وبعض المنظمات التي تمت الموافقة عليها كانت تعمل مع ما سُمي “مؤسسة غزة الإنسانية”، وهي منظمة أنشأتها “إسرائيل” والولايات المتحدة في مايو/ أيار الماضي.
وسعت واشنطن وتل أبيب إلى توزيع مساعدات إنسانية عبر هذه المؤسسة بدلاً من الاعتماد على الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الكبرى في قطاع غزة، وقد وُجّهت للمؤسسة انتقادات شديدة، قبل توقف التوزيع في أكتوبر الماضي، وفقاً للصحيفة، وقالت إنه من دون التسجيل الرسمي، لا يُسمح للمنظمات الإنسانية بإدخال الغذاء أو أي مساعدات إلى غزة، ولا يمكن لموظفيها الحصول على تأشيرات دخول إلى إسرائيل، وهي مطلوبة للعمل داخل إسرائيل أو الضفة الغربية المحتلة.
وتابعت: “كما أن غياب التصاريح يصعّب على هذه المنظمات الدخول إلى غزة أو الخروج منه، وكذلك يُمنع عليها شراء المعدات أو نقلها عبر إسرائيل”.
ومن بين المنظمات التي تنتظر منذ أشهر الحصول على رد رسمي بعض من أكبر المؤسسات في العالم، مثل: أوكسفام (Oxfam)، وأنقذوا الأطفال (Save the Children)، والمجلس النرويجي للاجئين (NRC)، بحسب “هآرتس”.
وأردفت أن “المنظمات تشك في قدرتها على اجتياز عملية التسجيل (الإسرائيلية)، حيث رفض العديد منها تقديم قوائم بأسماء عمالها الفلسطينيين والأجانب”، و”تقول هذه المنظمات إن نقل المعلومات قد ينتهك قوانين الخصوصية وغيرها من القوانين في بلدانها الأصلية”، وفقاً للصحيفة.
مساعدات غزة عالقة
الصحيفة قالت إنه في الأسابيع الأخيرة صعّبت إسرائيل على المنظمات إدخال المواد الغذائية والمعدات إلى غزة عبر طرق بديلة، وأوضحت أن المنظمات التي لم تحصل على تصريح لإدخال البضائع إلى غزة لجأت إلى وكالات الأمم المتحدة أو منظمات أخرى حاصلة على تصريح، وطلبت منها إدخال البضائع المشتراة، إلا أن إسرائيل منعت هذه الخطوة أيضاً.
وقالت “هآرتس”: “نتيجةً لذلك، علق عدد كبير من المعدات والمستلزمات في إسرائيل والأردن ومصر ومناطق السلطة الفلسطينية، مثل المراتب والخيام والأغطية البلاستيكية ومعدات تحلية المياه ومواد العزل والملابس الشتوية ومستلزمات النظافة الشخصية، وكميات كبيرة من المواد الغذائية”.
ونقلت “هآرتس” عن مديرة السياسات في “أوكسفام” بالأراضي الفلسطينية بشرى الخالدي قولها إن هذا الإجراء جزء من سياسة إسرائيلية أوسع نطاقاً تمثل “عقاباً جماعياً يجعل غزة مكاناً غير صالح للعيش”.
ومنذ دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، تواصل “إسرائيل” خرقه سواء عبر تنفيذ هجمات أو منع دخول المساعدات الإنسانية بالكميات المتفق عليها.
وبحسب إحصاءات حكومية، فإن متوسط عدد الشاحنات التي دخلت منذ بدء الاتفاق لا يتجاوز 89 شاحنة يومياً من أصل 600 شاحنة يفترض دخولها كل يوم لتأمين الحد الأدنى من الاحتياجات الأساسية للفلسطينيين.